دار الحسافة!!
12-30-2011 04:47



من الأمور المضحكة والمؤلمة في الوقت نفسه أننا دائما (نتحسف) على كل شيء، مثلا تقول يا حسافة على فلان، خاصة إذا كنا نتوقع منه شيئا ثم يقوم بالعكس ويضر نفسه أو إنسانا يتدهور أمامنا أو يضيع نفسه ولا نستطيع أن نفعل شيئا فنتحسف عليه ولا نود أن يصير إلى ما صار إليه أو لا نود أن نفقده ونتحسف على أنه ذهب منا.
وتتطور عملية «الحسافة» لتصبح دارا نطلق عليها (دار الحسافة) وهي الدار التي نجمع فيها كل شيء لا نحتاج إليه و»نتحسف» على أن نرميه في حاوية النفايات أو أن نعطيه أحدا يستفيد منه لدرجة أن بعض الأشخاص يصبح مثل النملة أثناء عملية تخزينها حاجياتها استعدادا لموسم الشتاءـ وعندما نرى هذه الدار نجد فيها أمورا غريبة وعجيبة بدءا من أدوات المطبخ القديمة إلى بعض الأثاث القديم والأدوات الكهربائية التي لا تعمل وبعض المستهلكات وتجلس هذه الأمور سنين وسنين ويضاف عليها ما يضاف من باب «الحسافة» وعندما نحتاج لغرفة أو ننقل إلى بيت آخر نتذكر «دار الحسافة» المنسية وتبدأ رحلة الألم مع نقلها أو التخلص منها وكأننا سنتخلص من عضو من أعضائنا.
طبعا الأشخاص «المتحسفون» من الناحية العلمية النفسية هم أفراد دائما قلقون وخائفون من المستقبل وتسيطر عليهم أفكار وسواسية قهرية تدفعهم إلى تخزين الأشياء وعدم التخلص منها أولا بأول من باب «ربما ويمكن» نحتاج إليها يوما من الأيام، وعندما يقومون بتلك الطقوس الوسواسية فإنهم يتحررون من الخوف والقلق وتصبح العملية عادة وسواسية قهرية أو ما يمكن أن نسميه أفعالا قهرية غير منطقية أو عقلانية، والدليل على ذلك أن نسبة ما يزيد على 95 في المائة من تلك الأشياء لن ولم تستخدم، إما لتلفها أو لقدمها أو أنها أشبه بالقمامة، وبالتالي فإنها تشغل الأماكن وتبنى من أجلها المستودعات ثم لا تتم الاستفادة منها.
هذه الفلسفة (التحنيطية) تقوم على أفكار ومعتقدات تبدأ من مشاعر التملك وأن الحياة يجب أن تبقى كما هي دون فقدان أو تغيير أو فراق أو ألم لذهاب أي شيء من حولنا إلى مشاعر الحفظ غير المبرر والخوف وعدم الرغبة في التخلص حتى من الأشياء المستهلكة مثل الأوراق والقصاصات والمسودات من باب (الحسافة).

www.aleqt.com/2009/07/27/article_256632.html

تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 290


خدمات المحتوى


د. عبدالله الحريري
د. عبدالله الحريري

تقييم
1.00/10 (12 صوت)

Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.