المقالات
مقالات د. عبدالله الحريري
رب ثوب يستغيث من صاحبه!!
رب ثوب يستغيث من صاحبه!!
12-30-2011 04:50



ثقافة التغيير في مجتمعنا ثقافة كلامية وليست سلوكية فالواحد منا يريد أن يغير الآخرين وينسى نفسه، وينتقد الآخرين ولا ينتقد نفسه ويقوم بأعمال سلوكية غير مقبولة. وإذا جلس في المجالس أو تحدث عبر وسائل التواصل نسي ما قام به وبدأ يتحدث عن القيم والسلوكيات والأعراف والتقاليد حتى ينتهي به المقام إلى الحديث عن السياسة والاقتصاد. في الأسبوع الماضي من هذا الشهر الفضيل والناس صائمون شاهدت الكثير من السلوكيات غير المقبولة كقطع الإشارات المرورية، بل بعد أداء صلاة الجمعة فوجئت بعدد كبير من الناس وهم خارجون من المسجد يعكسون أحد الشوارع حتى يختصروا المسافة إلى منازلهم، فماذا نسمي هذا السلوك وما شابهه من سلوكيات؟!..
إذا كنا نتحدث عن الإصلاح والتغيير فلا بد أن نتوقف قليلا ونسأل أنفسنا إلى أي حد نحن صادقون وجادون وواقعيون مع أنفسنا أولا ؟!، هل نعاني من انفصام أو ازدواجية في الشخصية والمعايير والقيم؟!، وما حجم وتنوع المتناقضات لدينا؟، وعندما نصل إلى مصالحة ورضا عن النفس فمن هنا يبدأ الإصلاح والتغيير.
في سيكولوجية القيادة، فإن القائد عندما يتسلم القيادة، لا يسلم نفسه زمام الأمور ولكن تسلمه وتنصبه الجماعة، فهو شخص مثله مثل غيره ولكن بعد فترة من توليه زمام الأمور تتعقد سلوكياته وأفكاره، وأول ما تغيره السلطة وقوة ومكانة المنصب. وهذه الأمور لا يحصل عليها القائد إلا من الناس الذين يحيطون به فليس هناك قائد يصبح قائدا في مكان لا يوجد فيه مجتمع بشري...، ومع الوقت تتكون تحت قيادته دوائر مختلفة من المصالح والمكاسب الثانوية والمباشرة، فمنهم من تبدو عليهم علامات الصلاح مقابل مكاسب ثانوية، وهؤلاء هم أصحاب المكاسب الاستراتيجية يطبخون على نار هادئة، وآخرون تفوح من سلوكياتهم ألوان الفساد ولا يهمهم أحد لأنهم حدود مكاسبهم في أقصر وقت وبأكبر ثمن، وهناك فئة مكسبهم المكانة والهالة الاجتماعية وكثرة الواسطات فهم يريدون أن يحصلوا من قربهم من القائد على مميزات تلك المؤسسات للوصول إلى المشيخة!.
المهم في الموضوع أن ندرك أن تعدد الدوائر حول القائد واتساع قطرها عندما تبنى على المصالح غير الإيجابية فإنها تشكل مع الوقت سلوك القائد وتعزله عن بقية الرعية. وليس من مصلحة هذه الفئة اتساع دائرة المكاسب الإيجابية لتشمل كل المجتمع لأنه سيكون على حساب نصيبها في الكعكة.
وعلى ضوء ذلك فإن أي إصلاح لأي نظام هرمي مؤسساتي لا يأتي إلا من صلاح القاعدة، وهؤلاء هم في آخر المطاف مجموعة أفراد. وإذا كان الفرد في أي مجتمع أو مؤسسة غير صالح ولديه ازدواجيات وانفصام في السلوك ومعتقدات خاطئة فلن يكون هناك إصلاح أو تغيير للأفضل، بل سيكون الأمر مجرد عبث وسواليف وإهدار للوقت والمال والمزيد من الإسقاطات على الآخرين.
ولا بد أن ندرك أن أي تغيير أو إصلاح لا بد أن يؤدي إلى إثابة ومكاسب، وحتى نكون واقعيين ومنطقيين من منطلق إننا بشر نحتاج للتعزيز الإيجابي والإثابة فالنتيجة لأي إصلاح أو تغيير إذا لم تكن مفيدة وفيها مكاسب ومصالح إيجابية وبجودة عالية وفي وقت قصير فليست تغييرا أو إصلاحا للأفضل، وفي الوقت نفسه لا بد أن ندرك أيضا أن مفهوم العدالة والمساواة لا يعني إهمال الفروق الفردية وتفاوت القدرات والميول والاتجاهات والمكانة الاجتماعية والطبيعة البشرية فالمهم التوازن والاتزان وليس الأحكام المطلقة والتعميم.

www.aleqt.com/2011/08/15/article_569710.html

تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 264


خدمات المحتوى


د. عبدالله الحريري
د. عبدالله الحريري

تقييم
1.00/10 (12 صوت)

Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.