المقالات
مقالات د. عبدالله الحريري
احتفالية الحملات واللجان
احتفالية الحملات واللجان
12-28-2011 05:48




د. عبد الله الحريري

الكثير من المواضيع التي تؤرق المجتمع وتطرح على شكل حملات توعية عادة ما تموت بانتهاء الحملة بالرغم من خطورتها على المجتمع كالسمنة والأمراض المزمنة والمخدرات، والحوادث المرورية.. الخ وأيضا ما يشكل لها من لجان ما تلبث أن تنتهي بانتهاء أعمالها ولا نرى تفعيل وآلية عمل يستفيد منها المجتمع وتكون حلولا طويلة الأمد للكثير من القضايا، وبالرغم من الجهود والأموال التي تدفع عليها والتحمس والدافعية، وكما يبدو أننا تعودنا على أن تكون أفعالنا اندفاعية وذات أمد قصير ونتيجة ردود فعل وأن تتسم بالشعارات البعيدة عن الواقعية والإمكانات المتاحة وهذا ما يفشل مثل تلك المشاريع فتكون محدودة في إطار تلك الحملات أو الأيام. وقد لاحظت أن موضوع التفكير الاستراتيجي لا يجد له مجالا للحديث في تلك المواضيع وكأن الموضوع ضربة الفرصة الأولى التي يجب أن لا تضيع على المستفيدين منه سواء رعاة أو عاملين عليها وكثيراً ما تؤيد الأغلبية عملية التكرار السنوي بالطريقة نفسها وكأنها عملية احتفالية أو مناسبة وطنية علماً أن المواضيع التي تتناولها تلك الحملات أخطر ما يمكن أن تكون إذا تركت دون رقابة وعلاج واضح وقابل للتطبيق حتى يتم القضاء على الظاهرة وتتحول من ظاهرة إلى مشكلة محدودة يمكن السيطرة عليها بالإمكانات المتاحة. ومن الملاحظات المهمة أن الأفكار والتوصيات المطروحة لا تتسم بالواقعية وتصبح مجرد شعارات رنانة، فالتطرف في طرح الحلول بما لا يتناسب مع الواقع المعاش يميت القضايا في مهدها ولا ترى النور لأن المجتمع والدولة تجد أمامها حلول نموذجية تواجه بردود فعل مضادة ولا نجد من يتبناها وتصبح العملية حشو معلومات غير مقبولة اجتماعياً أو قد يجد المجتمع أنها فعلاً مهمة ومقتنع بها ولكن ليست لديه الدافعية والإمكانات والقدرات لكي ينفذها وبالتالي تصبح حبراً على ورق كالعبارات التحذيرية على عبوات السجائر ، إلى جانب ذلك فالتحمس غير المبني على دراسات علمية ونفسية واجتماعية أعتقد أنه مضيعة للوقت وتصبح الحملات كشتات واللجان أشبه بجلسات السواليف و(حش) في الناس وتصبح مكان تنظير غير المختصين علمياً وأكاديميا وسيطرة فئة على فئة أخرى واستحواذها بالرؤى، ويبدو أن كلمة (دراسات) أصبحت غير مقبولة لدى أعضاء تلك الحملات واللجان كونهم لم يمارسوها وبالتالي لا يدركون أن الدراسات العلمية عندما تطبق على أي مجتمع فإنها عادة ما تتبنى معايير عالية للصدق والثبات ومشاركة المجتمع بالرأي بشكل منتظم وتوضح المشكلة بشكل محدد وتطرح الحلول والتوصيات بعد مناقشة وتحليل بمشاركة الخبرات والمراجع والأبحاث السابقة إلى جانب ما تتطرق له من واقعية ومنطقية وعقلانية أثناء تناول أي قضية ، وأعتقد أنه يجب أن نراجع سياساتنا تجاه تلك الحملات واللجان فكفاية تلطيخ الشوارع والجدران بالملصقات والإعلانات القماشية التي عادة ما تكون شاهدا على الإهمال بمجرد انتهاء تلك الحملات.

تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 386


خدمات المحتوى


د. عبدالله الحريري
د. عبدالله الحريري

تقييم
1.00/10 (11 صوت)

Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.