المقالات
مقالات د. عبدالله الحريري
ولكن مناقيرهم من حديد!!
ولكن مناقيرهم من حديد!!
12-31-2011 07:25




من المفارقات الغريبة في بلدنا أن الدولة منقسمة إلى قسمين، قسم مع تشجيع ودعم المستثمرين ورعايتهم واحتوائهم ويبرمون لهم الاتفاقات مع الدول، وعلى رأسهم الملك عبد الله، وبعض المنفتحين ذهنياً من المسؤولين وقسم آخر "يطفّش" ويضيق على المستثمرين ويلفون ويدورن على الأنظمة ويخترعون أنظمة وقوانين وعقوبات تعزيزية على كيفهم وباسم الشعارات المستهلكة، كالمواطنة والمصلحة العامة والخوف على مصالح الناس، ويا حرام البلد ممكن تضيع بدونهم، ويحتسبون الأجر والثواب إذا عقدوا مصالح الناس، ويا ويلك إذا كنت توكيدياً وعبرت عن معارضتك لهم، فمعيار المواطنة يزداد لديهم أكثر منك وتصبح المسألة شخصية باسم النظام ويظهرون إعلاميا حمائم ولكن خلف الكواليس دجاج، نظرهم لا يتعدى إطار أرجلهم ولكن مناقيرهم من حديد السلطة.
الموضوع يخص العلاقة بين قطاعين هما القطاع الحكومي والخاص وكنت وما زلت أتمنى أن نتخلص من تلك المصلحات إلى مصلحات وطنية تختلف من الأدوار ولكن تصب في مصلحة وطنية واحدة كون ذلك الفصل كرس لمن يعملون في القطاع الحكومي استغلال قوة النظام بما يملكون من صلاحيات وما أخذوه من صلاحيات وما طوعوه من لوائح لخدمة رغباتهم وتجاوزاتهم مع جعل هناك عدم توازن في الأدوار وتقاطع في المصالح وأصبحت العملية سطو سلطة مقابل سلبية واتخاذ موقف دفاعي من القطاع الخاص من منطلق "عسانا نسلم"، وفي ظل عزم الدولة التخلص من اللامركزية ومنح المزيد من الصلاحيات للمناطق إلا أن ما يدعو إلى الحذر والخوف استغلال تلك الصلاحيات في ظل ضعف عملية الإصلاح للسلوك الإداري، فإذا كان القطاع الحكومي الذي يقوم بالإشراف وسن الأنظمة يعاني من ممارسات سلوكية كالرشوة والاختلاس والتزوير والتجاوزات المالية والإدارية واستغلال الصلاحيات والمناصب وهيبة الدولة، وإذا كان بيت القطاع الحكومي من زجاج كيف يرمي القطاع الخاص بالحجارة بحجة الرقابة على أدائه وحماية الناس ومصالحهم منه؟ وكيف يطلب من المستثمرين الوفاء بالتزاماتهم والالتزام بالشروط واللوائح والسعودة والتأمينات وشروط الأمن والسلامة ومستوى مبالغ فيه من الجودة وأغلب تلك المؤسسات الرقابية المانحة للتراخيص لا تطبق أدنى تلك المتطلبات وتأخر معاملات الناس وتضيعها ومن غير المسموح والمألوف أن مديري أي دائرة أو موظف لماذا تتأخر المعاملات في مكتبه لأكثر من يوم لمجرد توقيعه لأن حضرته مشغول بالسفريات والجولات والاجتماعات والمؤتمرات على حساب الآخرين وطبعاً إذا كان رب الدائرة قد ضرب بعرض الحائط مصالح الناس فشيمة موظفيه الرقص على تلك المصالح .
في الحقيقة هناك الكثير من التساؤلات المحيرة التي تدور في أذهان الناس حول الازدواجية في المعايير ما بين القطاع العام الحكومي والخاص، من باب أولى أن يصلح القطاع الحكومي من نفسه ويحسن آلياته ومفاهيم مسؤوليه قبل أن يطالب القطاع الخاص الذي تحكمه حرية السوق والجودة إذا كان يريد المنافسة والكسب، فالمجتمع أصبح أكثر وعياً وانتقائية .
نريد أن نغير في مفاهيم وأدوار وسلوك أولئك الموظفين من دور الشرطي والحرامي إلى دور المثقف والمرشد للمواطن الصالح ويجب أن نضبط تعديات موظفي الدولة على المستثمرين ولا نجعل أي موظف يقوم بدور مفتش "بتاع كله" ولا نجعل جهة مسؤولة عن الإشراف الفني تقوم بدور جهات الجباية والأمن، نريد أن تركز كل جهة في مهامها المناطة بها وآلياتها المنطقية والعقلانية البعيدة عن سوء الظن وتشجيع المواطن للتجسس على الآخرين لتغطية قصورهم وضعف قدرتهم على التفاهم والحوار والأخذ والعطاء مع المستثمر المواطن الصالح ، حتى وإن أخطأ يجب أن نأخذ بيده بدلاً من تدمير حياته باسم نص النظام .

www.aleqt.com/2006/04/29/article_5065.html

تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 327


خدمات المحتوى


د. عبدالله الحريري
د. عبدالله الحريري

تقييم
1.00/10 (1 صوت)

Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.