يا ليت ما تعمر بيت
12-31-2011 07:30




كثيراً ما نكون مشدودين إلى الماضي بإيجابياته وأفراحه وآلامه وأحزانه كون الماضي قد استحوذ على جزء من ذاكرتنا وليس في الإمكان بل قد يكون مستحيلاً طمسه من ذاكرتنا لأن هناك الكثير من الأحداث التي كانت بإرادتنا وأخرى خارجة عنها. المهم أننا عشناها وكل ثانية تمر من عمرنا تعتبر من الماضي وليس في الإمكان العودة إلى الوراء.
ما يزعج الناس ويؤلمهم أنهم ما زالوا أسيرين للماضي فكرياً وليس سلوكياً ويحاولون اجترار الماضي إما شعورياً أو لا شعورياً وبأفكار مسموعة وفي ضوء ذلك نكرر عبارات "يا ليت" "لو" وأخرى تمجد الماضي وأيام زمان وكأننا وأهدافنا وأحلامنا انتهينا عند فترة معينة من الزمن وأنه ليس في الإمكان أن نعيش أحسن من الذي فات وتسيطر علينا أفكار الموت والمرض والشيخوخة ونحن في مقتبل العمر أو في وسطه. وبمجرد أن يتعرض الإنسان لأي ضغط نفسي تنقلب حاله وتتخبط أفكاره وحساباته وتكثر الشكاوى وكل إنسان يبكي على تضحياته تجاه الآخر ويلوم نفسه على ما فعله من خير وسلوك ايجابي أو مبادئ وأخلاقيات حميدة بحجة أن فلانا أو علانا ما يستأهل وأنه لو كان بيده الزمن لعاد وأصبح إنسانا كارهاً غير متسامح .. إلخ من العبارات العدوانية الغاضبة واللا أخلاقية واللا إنسانية وسبحان الله يصبح الإنسان لا يعرف ماذا يريد فهو يريد في حياته أن يكون طرف نقيض حسب المزاج وليس بين طرفي نقيض كحل وسط يتمتع بالعقلانية والواقعية والطبيعة الإنسانية.
الحقيقة أن الخلل الإدراكي والمعرفي أو الفكري هي نتيجة لتصنيفات فكرية أو معرفية لا عقلانية تجعل الإنسان رهينة لها وتجعله في إطار من اللاواقعية فيصبح غير قابل للتعلم والتكيف ويدور حول نفسه ويفقد نفسه والآخرين لأنه اختار لنفسه الكثير من التصرفات الفكرية اليومية التي أسرت سلوكه في مرحلة عمرية محددة وكأنه يحكم على نفسه بالنهاية. وما يلبث أن تسيطر عليه أفكار اكتئابية إحباطية انتحارية تتخذ أشكالا عدة من الغضب والعدوان تجاه النفس والآخرين والممتلكات.
ويفضل أن يتخلص الإنسان من تبعات الماضي ومن الأخطاء غير العقلانية التي لا توجد له الحلول وخطوط العودة والتكيف مع الواقع ومنها: "هذا هو أنا", "أنا دائماً كذلك", "أنا لا أستطيع أن أغير شيئا" "هذه طبيعتي" "هذه هي صفاتي" ثم يدعي أنها مبادئ إلخ. ويفضل أن يعيد من يعاني من ذلك الخلل ترتيب أوراقه وبرمجة أفكاره ويتعلم صفات فكرية إنسانية واقعية, فكل الأفكار والصفات أشياء متعلمة باستطاعتنا تعلم أي بديل لها على ألا نكثر من المبررات التي تربط بين البيئة وبين ما نفكر فيه ونفعله فالتبرير عملية دفاعية لا شعورية.

www.aleqt.com/2006/04/01/article_4786.html

تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 416


خدمات المحتوى


د. عبدالله الحريري
د. عبدالله الحريري

تقييم
1.01/10 (16 صوت)

Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.