المقالات
مقالات د. عبدالله الحريري
ماذا سيفعل بنا «سعودي»؟!
ماذا سيفعل بنا «سعودي»؟!
01-10-2012 05:43

قبل نحو 14 عاما مررت بتجربة عند رحلتي الدراسية في بريطانيا، حيث كنت أقوم بإنهاء بعض الإجراءات وأبحث خلالها عن مقر لإدارة الجوازات أو وزارة الداخلية في لندن، وعندما وصلت إلى مقرها لم أشاهد أي حركة للمراجعين وأتذكر أنه تبادر لذهني التساؤل: هل الأمور هنا منظمة لهذا الحد وعندما قابلت أحد حراس الأمن بادر يسألني عما أريده؟ أجبته إنني أريد إنهاء بعض الإجراءات فاستغرب من هذا الطلب، وقال اذهب إلى مكتب البريد ومن هناك يمكنك إنهاء جميع إجراءاتك.

المواطن في تلك الدول منذ عقود وهو لا يعرف مقر الدوائر الحكومية والسبب ببساطة أن أموره الحياتية ميسرة بالدعم، وقد انتقلت منذ فترة طويلة من التقليدية إلى التعاملات الإلكترونية التي باتت عنصرا رئيسا في حياة تلك المجتمعات.

اليوم تتجه المملكة نحو هذا التطور وهي تملك بنية معلوماتية إلكترونية شابة وحديثة تم بناؤها على آخر ما توصلت إليه التقنية والخبرات في مجال التعاملات الإلكترونية وقواعد البيانات، والمواطن السعودي بدأ يلمس مثل هذه النقلة فهو يشاهد معلوماته منذ ولادته وحتى مماته متاحة بتفاصيلها على شاشة الكمبيوتر.

منذ عام 2005 عندما بدأ إنشاء برنامج الحكومة الإلكترونية وجهازه التنفيذي "يسر" وفوائده ملموسة فقد بدأ الاستخدام التكاملي الفعال لجميع تقنيات المعلومات والاتصالات لتسهيل وتسريع الأعمال والتعاملات بدقة عالية داخل الجهات الحكومية وبينها وبين تلك التي تربطها بالأفراد وقطاع الأعمال، وأصبحت البوابة الوطنية للتعاملات الإلكترونية الحكومية (سعودي) مثالا رائعا لعناصر الحكومة الإلكترونية بما تحتويه من خدمات إلكترونية.

اليوم أصبحت بوابة "سعودي" و"أبشر" وغيرهما من الخدمات "واصل" و"ناقل" و"سداد"، واقعا حضاريا للقضاء على الفساد وتسهيل وتبسيط الإجراءات والقضاء على الطوابير والازدحامات وكثرة الاستئذان وباتت خدمات يمكن الحصول عليها من منزلك أو مكتبك. وأمام مثل هذه النقلة والتي بلا شك ستتطور وتشمل خدمات أخرى أكثر أهمية للمواطنين، أعتقد أن على الجهات التي كانت تقدم خدماتها للجمهور من خلال استقبال المراجعين وإدخال البيانات وقبول الطلبات، على هذه الجهات ضرورة ملحة لإعادة هيكلتها ونقل أعمالها من مفهوم العمل التقليدي الورقي الحضوري إلى دعم التعاملات الإلكترونية داخل جهازها وخارجه والتسهيل لعمليات الربط مع الجهات الأخرى والأفراد وقطاع الأعمال بكفاءة عالية وسرعة، وهناك مثال على مثل هذا التوجه وهي مبادرة وزارة العمل التي ستقوم بإعادة هيكلة مكاتب العمل وإغلاقها وتحويلها إلى خدمات أخرى.

نحن لسنا في حاجة إلى أن يتابع أو يلاحق المواطن ملفه (بروفايله) المالي أو الصحي أو العدلي... إلخ. بل سيتبعه ملفه إلى أي مكان من خلال السحابة الإلكترونية ولسنا بحاجة إلى تعبئة النماذج الورقية ولصق الصور بها وخسارة الأحبار والورق والمشاوير والتوقيعات والمزيد من الازدحامات والتأخير ونحن نعلم أن آخرتها سلة المهملات بعد إدخال بعض تلك المعلومات في الحاسب الآلي، وفي المقابل أصبح الورق الإلكتروني والتوقيع الإلكتروني والعناوين الرقمية وأنظمة الحماية والتجريم واللوائح متاحة في السعودية!!

أعتقد أننا أمام مرحلة تحول إيجابية إلكترونية ستقضي قريبا على المصالح والمنافع والأهواء والتعقيدات البشرية التي قد تشدنا إلى الوراء، وبالتالي نصنف دوليا في مواقع ومواقف متأخرة ومحرجة لا تليق بتطورنا الحضاري وإمكاناتنا ولا تتواكب مع قفزاتنا التنموية، فضلا عن التقصير بحق الإنسان السعودي الذي يستحق كل اهتمام ورعاية.

المادة على الرابط:
http://www.aleqt.com/2012/01/04/article_613127.html

تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 315


خدمات المحتوى


د. عبدالله الحريري
د. عبدالله الحريري

تقييم
1.00/10 (14 صوت)

Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.