المقالات
مقالات د. عبدالله الحريري
الفكاهة والسخرية وظيفة للتنفيس!
الفكاهة والسخرية وظيفة للتنفيس!
01-25-2012 09:52

وظيفة الفكاهة والسخرية الاجتماعية تنبع من كونها أقوى سلاح يمكن أن يدخل إلى الإنسان وهو يضحك، وهو ما يمكن أن نطلق عليه الضحك مما يُبكي؛ فالسخرية هي أن تضحك مع أنك تريد أن تبكي.


هذه الموهبة (الوظيفة) تعد من القدرات البشرية التي تتميز بها نسبة عددية محددة من البشر، كما يجب أن تتوافر فيمن يريد أن يمتهن هذه المهنة قدرتان، هما: قدرة روح النكتة، وقدرة الفطنة والذكاء. وهاتان القدرتان قد تكونان من الصعوبة بمكان أن تجتمعا في شخص واحد، وأن يوظفهما في إطار موضوع ونسق واحد حتى يخرج لنا ما يسمى بالسخرية الاجتماعية.


نحن نتحدث عن قدرة إبداعية هادفة تتميز بها القلة من الأفراد في أي مجتمع، وهي قدرة قوية تجعل من الشخص القارئ لأدب السخرية والفكاهة الهادفة يسقط آلامه وهمومه وعواطفه بطريقة انفعالية عكس انفعال الحزن، وهو انفعال السخرية الممتزجة بالضحك؛ لذلك فهي تسهم مساهمة فاعلة في جعل المجتمعات تعبر عن انفعالاتها المكبوتة. ونظرا لأن الشخصية العربية نمت وعاشت وتمت تربيتها على قيم اجتماعية صارمة قد تسبب لها إشكالات نفسية تجاه النقد بصفة عامة، والنقد الممتزج بالسخرية الضاحكة بصفة خاصة، فإن ذلك من دون شك سيكون عاملا من عوامل انحسار هذا الأسلوب الأدبي، فأدب السخرية والفكاهة يحتاج إلى المناخ الجيد وجو من الحريات ومساحة من التفهم والانفتاح، فالخوف يبعث على القلق الذي يكف ويمنع ويحد من الإبداع والنشاط البشري المُنتج.

ولعل من الشخصيات الشهيرة في العالم التي عُرِف عنها السخرية الفكاهية الممثل شارلي شابلن، وله مواقف مضحكة وكلمات محملة بنقد لاذع، لكنها أيضا تجلب الضحك لمن يستمع له، ومما يذكر عنه أن أحدهم سأله: أين نجد المرأة الطيبة؟ فأجابه: توجد امرأتان طيبتان في العالم، واحدة ماتت، أما الثانية فما زالت مفقودة!..

وبطبيعة الحال لا نتفق مع تصنيفه وإجابته، لكنه أعطى في الإجابة دلالة أنه يقف موقفا عدائيا ضد المرأة، لكنه قدّمه بأسلوب ضاحك...

كما أن هناك جملا ساخرة محملة بالنقد بأسلوب مضحك يتم خلالها وصف شعوب أو شخصيات أو نحوها، من الأمثلة في هذا السياق، ما يتم تداوله عن الأمريكيين، حيث يقول أحدهم: الأمريكيون أحرار لأنهم يأخذون حريات كثيرة!.. وفي هذه الجملة كما هو واضح إسقاط على السياسة الأمريكية بأنها تقوم على احتلال أراضٍ والسيطرة على الشعوب...

وغني عن القول إن توظيف الأحداث المزعجة والمواقف الصادمة في المجتمع ثم حياكة نكت ساخرة حولها ومن ثناياها، يعد فنا وموهبة يستلزمان أن يكون مبدعهما صاحب خيال كبير وبعيد في أحيان عن الواقع الحقيقي.

هذا الموضوع قدمت فيه دراسات وبحوث عديدة والمكتبة العربية كما أن المكتبة الأجنبية تزخر بمؤلفات عديدة تدرس في هذا الجانب، وهو عموما ممتد منذ تاريخ طويل مع الإنسانية حتى اليوم، ولعل السبب في هذا أنه أيضا مجال للتنفيس بطريقة تجلب البهجة والابتسامة.


المقالة على هذا الربط في موقع جريدة الاقتصادية
http://www.aleqt.com/2012/01/25/article_619523.html

تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 330


خدمات المحتوى


د. عبدالله الحريري
د. عبدالله الحريري

تقييم
1.00/10 (15 صوت)

Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.