المقالات
مقالات د. عبدالله الحريري
إذن ما الدافع للعمل ؟!
إذن ما الدافع للعمل ؟!
11-28-2013 08:05

جرت العادة على تناول موضوع الوظيفة والبطالة من زاوية مختلفة، واستمررنا في هذا الطرح، وما زلنا ندور في حلقة البطالة والبطالة المقنعة والبطالة الاختيارية... إلخ. المهم في العملية هو العنصر البشري الذي لم يحظ بالدراسات النفسية والاجتماعية التي تشخص موقفه من العمل، ولماذا يرفض العمل أو يتقاعس في البحث عنه أو يصنع لنفسه العمل؟.
المشكلة ليست توافر فرص العمل، وإنما هي مشكلة مرتبطة بالشخص وشخصيته الانتقائية، حيث يفضل أن يكون انتقائيا، وان يوظف العمل لصالح رغباته وتوقعاته، وعلى ضوء ذلك فإنه يفضل أن يكون عاطلا على أن يقوم بأي عمل ما دام لا وجود للحاجة أو الدافع الداخلي المشكلة ليست توافر فرص العملن وإنما هي مشكلة مرتبطة بالشخص وشخصيته الانتقائية حيث يفضل أن يكون انتقائيا وان يوظف العمل لصالح رغباته وتوقعاته وعلى ضوء ذلك فإنه يفضل أن يكون عاطلا على أن يقوم بأي عمل ما دام لا وجود للحاجة أو الدافع الداخلي.
إذن أعتقد أن العطالة عن العمل إذا أخذناها من المنظور النفسي والاجتماعي وما تشكله الوظيفة من مفهوم وقيمة لديه، وأيضا قيمة العمل وقيمته في المجتمع يمكن أن نصل إلى لب الحقيقة.
وما دام هنا بيئة حاضنة ومتمثلة في الأسرة حيث توفر له السكن والأكل والسيارة وكافة المستلزمات والاتصالات، ففي هذه الحالة لن يعود هناك حاجة وإنما تحولت الحاجة إلى مطالب غير ملحة، وعلى ضوء ذلك، أين مكان العمل والوظيفة في خارطته وأهدافه الحياتية؟. المجتمعات الأخرى لا تحمي أو تحتضن الطفل بعد ثمانية عشر عاما فيرمى في مواجهة الحياة، مما يدفعه للبحث عن العمل مهما كان مستوى العمل وتجده يعمل ويدرس حتى يصل للمستوى من الطموح الذي يريده، ولأن قيمة العمل مرتبطة بالحاجة، فقد كان كثير من السعوديين والخليجيين أثناء دراستهم في الخارج يعملون في المطاعم ويغسل الصحون بل يفتخر أنه في يوم كان يقوم بذلك لأنه وضع أمام الحاجة والعمل كقيمة.
الكثير من العاطلين عن العمل الذين تحتضنهم أسرهم يضعون أنفسهم في مقارنة مع آبائهم الناجحين حتى ان بعضهم قد يجادل والده حول، لماذا العمل وهو غني أو مقتدر؟ وهو يعلم أن أباه لم يصل لهذا المستوى إلا بعد كفاح وتدرج..
عندما نعود للمفهوم النفسي لتلك الشخصيات نجد أنها ما زالت في مرحلة متقدمة من الطفولة المتأخرة، فالبعض لم يفطم من الحضانة الأبوية، الشاب العاطل عن العمل مع الوقت والفراغ تنمو لديه الأفكار السلبية وان مفهوم التدرج في الحياة عملية غير مجدية و«يبغالها وقت» وليس لديه صبر فهو ينتظر طفرة بين يوم وليلة يوفر له المال الذي يحلم به كما يحدث لتجار العقار.
مستوى التوقعات عند الراغبين في العطالة عادة ما تكون توقعات مبالغا فيها ومفرطة ومليئة بالمقارنات، فدائما ما يقارن نفسه بالآخرين الذين تدرجوا في الحياة. ولكن لا يأخذ بعين الاعتبار مسألة التدرج وإنما ينظر إلى النتيجة يعتقد أنه مظلوم اجتماعيا، لأن من حقه أن يستقطع من مال الدولة والمجتمع حسب رغبته بدون واجبات عليه، وهو بذلك يعيش نوعا من حالة التمركز حول الذات ويخلق لنفسه بيئة إطارها الكثير من التبريرات والتي يتوقع أنه يقنع به الآخرين، بينما هي نوع من الدفاعات الشعورية التي تخفف من الحقيقة المؤلمة التي يعيشها وهي ما هو دورة الحقيقي ووظيفته في الحياة.

----------------------------------------------
نشرت هذه المقاله في جريدة اليوم صفحة الرأي عبر هذا الرابط
http://www.alyaum.com/News/art/104621.html

تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 366


خدمات المحتوى


د. عبدالله الحريري
د. عبدالله الحريري

تقييم
1.00/10 (19 صوت)

Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.