إن بعض الظلم إثم؟
12-29-2011 05:09
يعاني الناس في مختلف جهات الأرض هذه الأيام من مشكلات كثيرة تهدد حياتهم وتؤثر في تفاعلهم الشخصي والاجتماعي، فحالات الاكتئاب والقلق ومحاولات إيذاء النفس والإصابة بالقرحة والقولون العصبي وضعف مناعة الجسم والعصبية والعدوان.. إلخ، من الاضطرابات والأمراض الشائعة هذه الأيام، تشكل السمة الأساسية لمعاناة الناس.
هناك سؤال يفرض نفسه بهذه المناسبة.. هو: لماذا يزداد مرض الناس؟ وما الأسباب وراء مرضهم النفسي السلوكي والجسدي؟
هذا السؤال مهم جدا فهو يقودنا إلى تفسير أيضا مهم أكده كثير من علماء العلاج النفسي السلوكي المعرفي وعلى رأسهم "ألبرت اليس" صاحب نظرية العلاج الانفعالي العقلاني (الفكري).
هؤلاء العلماء يرون أن تقويم وتفسير وتأويل ومعتقدات الناس تجاه الأحداث الحياتية التي تمر بهم بشكل يومي هو ما يجعلهم إما سعداء أو محبطين ومرض وأن استمرارهم في التفكير الإيجابي أو السلبي هو الذي يحدد مصيرهم في هذه الحياة.
وفي ضوء ذلك فإن نظرة الناس السلبية للأحداث وانغماسهم في التفكير والتأويل والتفسير السلبي والاستمرار في هذا التفكير وتضخيمه ثم تعميمه يقودهم إلى عدم الاستبصار بالحياة والنظرة غير الواقعية والمزيد من العدوان والغضب والسلوك الدفاعي، وأن الاستمرار والإلحاح على مثل هذه الأخطار والمعتقدات السلبية يبني في عقولهم ويؤصل لديهم على المستوى الفكري والسلوكي كثيرا من الأفكار المرضية المخيفة التي تدمر الذات البشرية وتقود إلى الانحطاط الإنساني، وعلى مر الزمن يصبح الإنسان أسير ذلك البناء المعرفي (الفكري) الذي يحدد مصيره ومستقبله في هذه الحياة، وطريقة إيذائه لذاته وللآخرين.
ومن العينات المألوفة في الوقت الحاضر شكل ومحتوى التفكير السلبي للتعليقات والردود على الإنترنت، فنادرا ما نشاهد إضافات أو أفكارا إيجابية أو حوارا منطقيا وعقلانيا بقدر ما نشاهد أغلب تلك الردود خارجة عن الموضوع.
تسقط الخبرات الشخصية وتجعل الأمور كارثية لا تخرج عن إطار الشك والريبة والمؤامرة والتعميم وتضخيم الأمور وكثير من الاندفاعية والحمق وطرح المعتقدات والعقد الشخصية على الآخرين بشكل فكري، ومن ثم المزيد من سوء الظن والانغماس في كشف عورات الناس وتتبع ونقل الشائعات والإفراط في حب الاستطلاع لدرجة الوسواس. وهناك أشخاص ممن لديهم استعداد للمرض العقلي تظهر عليهم مع الوقت أعراض ما يسمى جنون العظمة والاضطهاد والتشكك والضلالات الفكرية المرضية وبعض الهلاوس السمعية وهي من أعراض مرض الفصام.
هذه بعض العينات وهناك عينات كثيرة في مختلف شؤون الحياة، إذا أوجد الشخص نفسه في مثل تلك الأطر الفكرية فعليه التوقف ومحاولة تدريب نفسه على أنماط وطرق التفكير الإيجابي المنطقي والعقلاني أيضا الواقعي إذا كان يبحث عن الصحة النفسية والجسدية.
www.aleqt.com/2009/01/19/article_186086.html
|
خدمات المحتوى
|
د. عبدالله الحريري
تقييم
|