أنا مريضة وين أروح؟
12-29-2011 05:14
في الأسبوع الماضي كنت أتحدث مع ابنتي الكبيرة "الجوهرة" عن عدة مواضيع ومن أهمها المواضيع الصحية، وقالت لي إنها تعاني صداعا و"دوخة"، وقد ذهبت إلى أقرب مركز صحي في الحي لعلها تجد حلاً, ولكنها خرجت بمجموعة من الاحتمالات والافتراضات كان آخرها بأن عليها أن تجري مجموعة من التحاليل المخبرية غير المتوافرة في المركز، وطلبت مني كوني محسوباً على الخدمات الصحية في المملكة أن أجد لها الحل والمستشفى الذي ينهي معاناتها وتساؤلاتها دون مواعيد طويلة وزحمة .. إلخ.. وكنت أقرأ في عينيها توقع الإجابة الشافية الكافية من الأب ذي العلاقات والزمالات في المجال الصحي، فما كان مني إلا أن أرد بقولي "خليني أفكر" وحاولت أن أهرب من الموضوع وما بين الإصرار منها والحالات التي مررت بها من الإحراج والتشويش خرجت من الموضوع بأعجوبة, وعندما عدت إلى وعيي وحالة الحقيقة والتعامل مع الواقع حاكمت نفسي وسألتها لماذا لم أعرف أن أجيب وبسرعة على طلبها؟ وهل عدم إجابتي هي عدم ثقة بالخدمات الصحية؟ أم أنني أمام واقع مشتت ومسارات مختلفة وأهداف غير واضحة من الممارسة الطبية؟ أم ماذا؟
وفي الأسبوع نفسه جمعتنا كإعلاميي وكتاب الرياض أمسية مع الدكتور عبد الله الربيعة جرياً على العادة الأسبوعية لهذا المنتدى، وتحدث كثيراً عن المشاريع العملاقة التي ستشهدها الخدمات الصحية في الحرس الوطني، فزادني كلامه حلماً وشوقاً للخروج من عباءة العالم الثالث صحيا وفي الوقت نفسه شعرت بالإحباط واندفعت بحزمة من التساؤلات له ومنها: ماذا يجني المواطن غير العسكري من هذه الخدمات ما دام لا يستطيع أن يتمتع بها إلا بعد إجراءات طويلة وبعيدة وأوامر ..إلخ؟ وإذا كانت ميزانية وزارة الصحة لهذا العام قد بلغت نحو 29 مليار ريال فكم هي ميزانيات القطاعات الصحية الأخرى سواء عسكرية أو جامعية أو مدرسية .. إلخ, وبعد هذه الميزانيات العملاقة للخدمات الصحية في المملكة ما النتائج؟
وإذا كان أحد الأمراض المزمنة وهو السكري يستقطع فقط مابين 6 و10 في المائة من الميزانية، إذاً كم تستقطع بقية الأمراض المزمنة ومضاعفاتها وآثارها في المجتمع والتنمية الشاملة؟ وهل سنستمر تصاعديا في الصرف على العلاج والخراسانات ونترك عملية الحد من الأمراض والوقاية منها بزيادة مستوى الرعاية الصحية الأولية ورفع مستوى الوعي والرعاية الصحية مباشرة من خلال الأحياء والقرى والتجمعات السكانية، بحيث يقل الطلب على خدمات المستشفيات ونحقق الصحة للجميع. وأعتقد إذا فكرنا بعقل ومنطق فليس من صالحنا التسابق المحموم لكي يقوم كل قطاع بتأسيس وزارة صحة وميزانيات مستقلة، فالمواطن هو المواطن كان عسكريا أم مدنيا, ومفهوم العدالة للخدمات الصحية أن تتاح للجميع بسهولة ويسر وفي أي وقت وبكفاءة عالية وبمقربة منه سواء خلال برامج التأمين الصحي التعاوني أو بأي وسيلة دعم موحدة.
www.aleqt.com/2009/02/02/article_191379.html
|
خدمات المحتوى
|
د. عبدالله الحريري
تقييم
|