أنظمة النخبة
12-29-2011 05:16



عندما يكثر التذمر من الناس وبالذات موظفي الدول يزداد أداؤهم سوءاً ويصبحون معول هدم لأي نظام إداري ويسود الفساد بأشكاله المختلفة مما ينعكس بشكل غير مباشر على الاقتصاد الوطني وتوفير الخدمات عالية الجودة.
وأسباب ذلك التذمر عديدة ولكن من أهمها خدمة القوانين والأنظمة لفئة دون أخرى خصوصا إذا كان ذلك يتعلق بمعيشتهم، فمثلاً السماح لفئة دون أخرى بالعمل في القطاع الخاص أو أخذ نسبة معينة وعلاوات وبدلات لأنهم أناس نادرون، وبما أنهم نادرون فلابد أن تفصل القوانين لهم خوفا من أن يتركونا ويذهبوا، والآخرون ما علينا منهم فالحياة ومتطلباتها ستجبرهم على القبول بالأمر الواقع.
أعتقد أن القوانين والأنظمة عندما تميز فئة دون أخرى دون وجه حق أو قدرات أو خبرات أو شهادات فهي أنظمة نخبة، وبدلاً من أن تنظم الحياة وتيسرها على الناس تعقد أمورهم وتوجد نوعا من الصراعات والحزازيات والضغوط بينهم.
أعتقد أن وزارة الخدمة المدنية مطالبة بتحقيق المساواة وكونها ترجع إلى ذوي الاختصاص في أي وزارة يفضل أن تراعي من هم أولئك المختصون وهل من حق أي مختص أن يفرض شرعية ما وأهل التخصص لا يعلمون إلا بعد أن تصدر اللوائح والأنظمة، ويجب أن تخرج وزارة الخدمة المدنية من إطارها التقليدي وتستعين بأهل كل تخصص وترى ما يقولون ومستوى الرضا الوظيفي لديهم ولا تجعل من لا يمثلونهم علمياً أو فنياً مشرعين عنهم بالنيابة.
لقد عفا الدهر على الكثير من اللوائح والأنظمة الخاصة بالخدمة المدنية، فإذا وضع النظام من أجل أن يخترق لم يصبح نظاماً، وإذا كان النظام لا يتفق مع العقل والواقع فاختراقه وارد لا محالة، فمثلاً المادة (13) من نظام الخدمة المدنية اخترقها أغلب الموظفين بمن فيهم من وضعوها ويشرفون عليها، وجعلت من الموظف المواطن يحتال عليها لأنه يريد أن يحسن دخله ببساطة.. أليس من حقه ما دام لا يسرق من الدولة ويعمل في النور ما دام مرتب وقته ويريد أن يدير حياته بطريقته دون أن تؤثر في أدواره الأخرى.
وسبحان الله تلك المادة عدلت لصالح فئات من موظفي الدولة وأعطوا المبررات لهم وتم استئناؤهم بالقانون لأن لديهم قوة وطالبوا بحقوقهم وما كان أمام الدولة إلا الرضوخ لمطالبهم بل إن تلك المادة في أغلب فقراتها جعلت الناس يضربون بعضهم بها وجندت لها جهات رقابية وأمنية كان يفضل ألا تجند لأمور أكثر أهمية وقد تصنف غدا من الفساد الإداري بينما تلك المواد شجعت على ذلك وما دام مثل تلك الأنظمة غير واقعية ومنطقية وتكثر فيها الاستثناءات تصبح هامشية ومخترقة وهرمه، وما أخشاه أن يصبح من الصعب علاج تذمر الناس.

http://www.aleqt.com/2005/12/03/article_3589.html

تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 297


خدمات المحتوى


د. عبدالله الحريري
د. عبدالله الحريري

تقييم
1.00/10 (9 صوت)

Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.