العادات المرضية
12-28-2011 05:37
د. عبد الله الحريري
بناء الإنسان من مراحله الأولى نفسيا وجسديا ينعكس على قدراته في المستقبل، فالرمح كما يقال من أول ركزة، وقد أثبتت الدراسات سواء التي بحثت في نفسية وسلوك البشر أو التي تناولت الكثير من الأمراض الشائعة المزمنة أن هناك وراثة مرتبطة بالعادات الحياتية التي عاشها الإنسان في بدايات حياته، وأن تلك الموروثات لها دور فعال في إصابة الإنسان بالكثير من الأمراض، وهذا يدفعنا لمراجعة عاداتنا في بيوتنا ومدارسنا وكيف يسهم ذلك بشكل غير مباشر في عدم وقاية الناس من الكثير من أمراض العصر. ولنأخذ على سبيل المثال وليس الحصر العادات التي يكتسبها الطفل والمراهق والشاب في المدارس والجامعات، هناك سعي حثيث للاهتمام بالجانب الأكاديمي النظري على حساب أنشطة أخرى وأخص بالذكر الأنشطة اللامنهجية، فالكل في المدرسة والجامعة والبيت يسعون بكل ما يملكون إلى حشو ذهن الطالبة والطالب المهم أن يحفظ ويجاوب عن أسئلة الامتحان وعند الامتحان كما يقال من باب التخويف يكرم المرء أو يهان، ويصبح الطالب والمدرس يدوران في حلقة من الخوف وفي النهاية نحن نحصد مخرجات تعليمية لا تمت للواقع والمستقبل بصلة.
السمنة أهلكت الأولاد والبنات والكثير من الأمراض والخمول بسبب الاهتمام بالجانب المنهجي على الجانب اللامنهجي، فالرياضة في المدارس كأنها حصة مغصوبين عليها، وإذا كان هناك اهتمام انحصر في لعبة واحدة وبشكل غير منظم ككرة القدم، وكأننا نبني وعيا اجتماعيا تجاه لعبة من الألعاب الكثيرة كألعاب القوى التي من المخجل أن نجد طالبا أو طالبة لا يعلم عنها إلا القليل بل البعض لا يعلم عنها، وهناك رياضات نسائية وأخرى رجالية والإسلام ذكر بدون تمييز أن نعلم أولادنا السباحة والرماية وركوب الخيل. وقد استحدثت رياضات عالمية كثيرة ولكن أين نحن منها، وأيضا التربية الفنية وهذا ما جعلنا شعبا لا نشارك إلا اسميا وبواحد أو اثنين من المهرة في لعبة ما، وكأن شعبا عدد سكانه يزيد على الخمسة عشر مليونا لا يعلم من الرياضة ولا يمارس إلا كرة القدم، وهذا ما يؤكد أن البناء الذي يبدأ من المدرسة شبه مفقود وقد ترتب عليه انشغال الابن بأفكار هدامة وتعاطي المخدرات والسمنة والاضطرابات النفسية، فإلى متى ونحن نشتكي من دور المدرسة كجهة منهجية ومسؤولة عن التربية والسلوك، وهل مازالت أفكار منظري المدارس تحول دون أداء المدرسة دورها؟
|
خدمات المحتوى
|
د. عبدالله الحريري
تقييم
|