تحديات الصحة (3)
12-29-2011 06:14




من أبرز التحديات التي تواجه الصحة في المملكة ما ذكرته في المقالة السابقة عن «الإدارة الصحية» فأغلبية مديري المستشفيات والمراكز الصحية والشؤون الصحية من الأطباء والفنيين أو الإخصائيين والصيادلة وجميعهم يديرون تلك المؤسسات المهمة بالتكليف وبنظام الفزعة (تكفى) لسد الحاجة إلى إداريين، بينما ملاك تلك الوظائف لإداريين لا يقومون عليها وهذه من التجاوزات القانونية والهدر الوظيفي مما يصعب محاسبتهم أو تقويم أدائهم حتى لا يتركوا تلك المسؤوليات.
من ناحية أخرى، عندما يتم تكليف أولئك المديرين فإنهم لا يمنحون أية صلاحيات مالية أو إدارية تتناسب وحجم المسؤوليات والأدوار التي يقومون بها مما يجعلهم أشبه (بخيال المآتة) ويؤدي بالتالي إلى إضعاف دورهم ويؤمن لهم المبررات بأن أي خلل أو ضعف في الأداء سببه من هو أعلى منهم مسؤولية كالمديريات التي هي بدورها تعاني بعض تلك المشكلات وضعف الصلاحيات فتقوم بإحالة المسؤولية إلى الوزارة وتصبح هناك سلسلة من (زحلقة) المسؤوليات.
النقطة الأخرى ذات الأهمية هي الأخذ بأسلوب الإدارة المركزية والقرار المركزي فمدير المستشفى أو المركز الصحي هو شخص متلقي للأوامر والأنظمة والتعاميم، وعليه أن ينفذها دون قيد أو شرط ودون إحساس بالمشكلات التي يعانيها جراء التشغيل اليوم وضغط الناس عليه في طلب الخدمة وفي آخر المطاف يشعر بأنه (مأكول مذموم) مما يضطر لممارسة كثير من الضغوط التي مورست عليه على العاملين وتصبح تلك المؤسسة قابعة تحت كثير من الضغوط والصراعات التي تؤثر في أدائها.
ومن التحديات التي يواجهها مديرو تلك المؤسسات الصحية أنهم مطالبون بكثير من الأدوار وتحمل المسؤوليات دون أن يقابلها حوافز مادية ومعنوية مجزية وأيضا حماية وظيفية، فكما قلت سابقا: إذا كان من المنتسبين للكادر الصحي فإن خدمته الإدارية مهما كانت سنواتها لا تحظى بأي تقدير أو تحسب له بل تحسب عليه ويعتبر في هذه الحالة مقصرا في مهنته التي درس من أجلها وهنا يوضع في دائرة من الصراعات ما بين متطلباته الحياتية ومهنته التي انشغل عنها بالإدارة ومستقبله الوظيفي والمهني بصفة عامة مما يؤثر ذلك في أدائه وإدارته لتلك المؤسسة.
وقد أدت سهولة التكليف بالإدارة الصحية ودون أهداف ولا خطط واضحة لمن يدير استسهال مفهوم الإدارة الصحية وبالتالي هروب لمن يريد أن يهرب من العمل العيادي أو يرغب في الحصول على (البور) والسلطة ثم التسليط مما يضعف دور الإدارة الصحية في قيادة المؤسسة الصحية وتحسين دورها وجودة أدائها.
وأخيرا وفي ظل ما سبق لم نسمع بأن أحد من أولئك المديرين قد قدم مشروعاً وخطة عمل واضحة لإدارته المؤسسة المكلف بإدارتها حتى يمكن قياس أدائه ومخرجات تلك المؤسسة وهل هي تؤدي دورها كما حدد لها من أهداف مما جعل تلك المؤسسات تدار بالأهداف الشخصية والتعاميم والتعليمات التي تردها من الإدارة المركزية وبالتالي أصبح من الصعب وضع معايير لقياس الأداء وجودته في ظل عدم وجود أهداف مرتبطة بصلاحيات مالية وإدارية سنوية وخمسية وحوافز، وكانت النتيجة مخرجات هشة وأخطاء لا تتناسب مع التوجهات العامة للدولة أو لوزير الصحة مما قد يؤدي المزيد من الإحباط لمقدم ومتلقي الخدمة وتسرب في القيادات الصحية وعدم وجود دافع للترشيخ أو لتولي مثل تلك الأعمال الإدارية الصحية.

http://www.aleqt.com/2009/11/16/article_302281.html

تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 300


خدمات المحتوى


د. عبدالله الحريري
د. عبدالله الحريري

تقييم
0.00/10 (0 صوت)

Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.