|
تحديات الصحة (5)
12-29-2011 06:20
|
التحديات التي تواجه الصحة في المملكة تحديات تراكمية تكونت عبر سنوات من المفاهيم الخاطئة للصحة والمعتقدات والتجارب الشخصية وسيطرة قوى على أخرى، فالمؤيدون للجانب العلاجي أكثر حظاً وسيطرة على أصحاب الجانب الوقائي أو الجانب التخطيطي، مما جعل هناك عدم تناغم في توفير الخدمة، وهناك من ربط تدني الخدمات الصحية بالجانب الاقتصادي والأزمات المالية والسياسية وأوقف كل نمو وتطور في ضوء هذه النظرية وكانت نتيجة كل تلك المفاهيم وتعارض المصالح خلل كبير في النظام الصحي في المملكة. وتدنى مستوى صحة المواطن وأصبح 20 في المائة من السكان بدناء يكلف علاجهم ما يزيد على عشرة مليارات ريال، وزاد عدد مرض الفشل الكلوي وأصبحوا يستهلكون ما يقرب من 7 في المائة من ميزانية الصحة وازداد عدد مرضى السكر وضغط الدم وكان لهم من الميزانية ما يقرب من 12 مليارا وأصبح السكري يقتل ما يقرب من 200 ألف سعودي ويستنزف ستة مليارات ريال سنويا وكثرت حالات السرطانات والسكتة الدماغية وأصبحت تكلف الدولة المليارات للعلاج والتأهيل إلى جانب الفاقد والخسارة للعنصر البشري ... إلخ.
إلى جانب ذلك هناك مشكلة تشغيلية تولدت من جراء ذلك كزيادة قوائم الانتظار وشح الأسرة فنحن ما زلنا دون المعايير العالمية في الطاقة السريرية مقارنة بعدد السكان، فنحن نحتاج إلى 2.5 سرير لكل ألف من السكان حتى يصل إلى المعدلات العالمية، بينما نجد بالمقابل أن ما يقرب من 65 في المائة تقريبا من الطاقة الإنتاجية لمراكز القلب غير مستغلة كما ذكر ذلك الدكتور الفقيه جراح القلب في لقاء سابق لاقتصاديات الصحة.
المهم أن تلك الأمور سواء تشغيلية أو غيرها كانت نتيجة لخلل في مفهومنا للصحة وفي ضوء ذلك تزايدت تلك التحديات.
اليوم نحتاج إلى صياغة وتحديد مفهومنا للصحة. هل هو كما دعت إليه منظمة الصحة العالمية منذ سنوات بأن الصحة هي حالة من اكتمال السلامة بدنيا وعقليا واجتماعيا وليس مجرد انعدام المرض أو العجز؟
إذاً كما يبدو أن سعينا المحموم نحو الجانب العلاجي فقط قلل السلامة البدنية والعقلية والاجتماعية وزاد وسيزيد من التحديات الصحية ما لم نغير تلك المفاهيم والأولويات ونركز على البرامج الوقائية والتوعوية وتعزيز الصحة المجتمعية من خلال منظومة الرعاية الصحية الأولية وجعل الناس شركاء في الحفاظ على صحتهم بدلاً من كونهم سلبيين متلقين للعلاج واستغلال الجمعيات والجامعات والمدارس والتجمعات السكانية المتحركة والثابتة للعمل من أجل الصحة ومع الصحة.
|
خدمات المحتوى
|
د. عبدالله الحريري
تقييم
|
0 | 
0 | 
552