تحديات الصحة (6)
12-29-2011 06:23
اليوم، وبعد سلسلة من المقالات حول تحديات الصحة... وكما يبدو فالتحديات كثيرة ومتنوعة على النظام الصحي في المملكة مما قد يحتاج إلى بعض الوقت لإعادة هيكلته، وبالذات الأمور المتعلقة بالمفاهيم لدى مقدمي الخدمة والمستفيدين منها.
وعلى كل حال سأختتم مبدئيا هذه السلسلة من التحديات بموضوع أعتبره من أهم المواضيع ألا وهو الشراكة المجتمعية، فحتى يكون هناك نوع من التكامل والتناغم الصحي في البلد لابد من مشاركة المجتمع في التخطيط والتنفيذ لخدماتهم الصحية حتى يحسنوا استخدامها والاستفادة القصوى منها، كون الصحة أولى أولويات الناس، وإن ترك الناس فقط متلقين للخدمات الصحية يقلل كثيراً من تحملهم مسؤولية صحتهم ويجعلهم ''حاطين رجل على رجل'' ينظرون لتلك الخدمات من بعيد وينتقدونها، وفي آخر المطاف سيكونون مقاومين للخطط والبرامج الصحية.
الناس اليوم ينتقدون ويعانون صحيا، لأنهم لا يشاركون ولا يواجهون التحديات الصحية، مما يجعلهم يقومون بالكثير من العادات الضارة بصحتهم التي تودي بهم إلى المرض ويسلكون سلوكيات ويعتقدون بأفكار وشائعات تجعلهم يعملون ضد صحتهم ثم عندما يحتاجون للخدمات لا تروق لهم ويصبون كل غضبهم على الصحة بينما هم من أوصلوا أنفسهم إلى مرحلة المرض، فكيف يلوم الإنسان إنسانا آخر على سلوك هو السبب فيه؟ أعتقد أن الأمر غير منطقي وهو نوع من الدفاعات اللاشعورية للإنسان عندما لا يكون مستبصرا بنفسه فيحاول إسقاط أي سلوك على الآخر.
اليوم التجارب العملية تؤكد أن هناك فجوة ما بين مقدم الخدمة والمستفيد منها إلى حد عدم الثقة والتشكيك في الخدمة، وعندما يريد فريق أي مركز صحي أن ينفذ أي خطة ''يدوخ السبع دوخات'' حتى يقنع مدير المدرسة والمدرسين وأهل الحي بالبرنامج الصحي بل قد يعتدى عليه وتقفل الأبواب في وجهه ولا يجد إلا بعض التعاون وكأنه يعمل لمصلحته وليس لمصلحتهم.. ألا تعتقدون أن هذا نوع من الخلل؟
إن تجربة إنفلونزا الخنازير لأكبر دليل على المقاومة والأخذ بالشائعات، وبالمقابل قدمت درسا بأن الإنسان عندما يخاف على نفسه سيقوم بتنفيذ التعليمات وهو ما حدث عندما خاف الناس على صحتهم ووجدوا أن النظافة أهم وقاية اهتموا بالنظافة الشخصية في البيت والشارع!!
أعتقد أن المجتمع يجب أن يتحمل مسؤوليته الصحية مع الدولة من خلال الشراكة في المصلحة والهدف المشترك، ويمكن تنفيذ ذلك من خلال برامج تنفيذية على أرض الواقع، ومن خلال مجتمع الحي الصحي أو أصدقاء صحة الحي... إلخ، وعلى شكل فرق عاملة مع المركز الصحي لكل حي، ويتكون من مدير المركز ومدير المدرسة والإخصائية الاجتماعية وعمدة الحي وبعض المتقاعدين وربات البيوت والناشطين وإمام المسجد وبعض ساكني الحي من المختصين وغيرهم، وذلك من خلال خطط عمل وأهداف قابلة للتنفيذ والتقييم.
هذه الأفكار بالمشاركة يمكن أن تكون أيضا مع وسائل الإعلام من منطلق أن الصحة للجميع ومن الجميع.
http://www.aleqt.com/2009/12/07/article_312477.html
|
خدمات المحتوى
|
د. عبدالله الحريري
تقييم
|