تحولات سلوكية في القلق الاجتماعي الاقتصادي
12-29-2011 06:51
على الرغم من أهمية ودور القلق الاقتصادي في الحالة النفسية والمجتمعية إلا أنه نادراً ما نرى الأخذ بهذا الجانب أثناء تنفيذ الخطط الاقتصادية ذات المدى القصير أو البعيد.
لقد أصبح القلق الاقتصادي من الظواهر التي تؤثر في تركيبة المجتمعات وتقود إلى متغيرات اجتماعية وسلوكية قد تعوق التنمية الشاملة كون الاقتصاد يؤثر في حاجات ومطالب الفرد والأسرة بشكل مباشر في ظل محدودية الدخل وغلاء المعيشة.
وإذا لم تأخذ أي دول في الحسبان أثناء إعداد وتنفيذ سياساتها الاقتصادية الجانب الاجتماعي النفسي لمجتمعاتها فـإنه من المتوقع أن يحدث الكثير من التحولات المسلكية في تلك المجتمعات تؤدي إلى إعاقة النمو الاقتصادي فتفقد الخطط الاقتصادية عديمة بعض ما تستهدف تحقيقه.
إن الدراسات التي تناولت الاقتصاد الاجتماعي أشارت إلى أن هناك تحولات في القلق الاجتماعي قد تشهدها المجتمعات نتيجة للتحولات الاقتصادية السلبية السريعة الراهنة قد تؤدي إلى زيادة الفجوة في العلاقات الاجتماعية وتفشي ظاهرة الخوف من الآخر، وهذا التحول في القلق الاجتماعي يختلف عما كان في السابق حيث كان القلق الاجتماعي الاقتصادي يؤدي إلى نوع من الشقاق بين التيارات المختلفة في المجتمع وتحميل شريحة من المجتمع الشريحة الأخرى مسؤولية تردي الأوضاع الاقتصادية مما أدى آنذاك إلى نوع من الهجرة والنزيف البشري للكفاءات والقدرات الاجتماعية.
أن هاجس بطالة الكفاءات والعاطلين وارتفاع أسعار السلع الأساسية وازدياد الأعباء المالية وعدم تحقيق الفرد أهدافه الرئيسة في بناء أسرة سليمة لديها أغلب مقومات الحياة الكريمة يعتبر من أهم الهواجس التي تؤرق الحكومات لما قد يترتب عليها من آثار تحولية في السلوك والخروج من قيم اجتماعية محمودة.
وفي المقابل فأن ازدياد وتيرة القلق الاقتصادي لدى الأفراد قد يأخذ أشكالاً عديدة من الإحباط والعنف والعنف المضاد. ويزيد من التئام الجماعات المضادة للمجتمع ويكون هناك نوع من التحول في طبيعة العنف من عنف فردي إلى عنف يأخذ شكل تنظيمات عصابيه أو إرهابية كما هو الحال في أغلب الدول وهو ما أصبح ملاحظا في عصابات سرقة السيارات والاعتداء والسطو على الآخرين بحجة جمع الأموال وعلى ضو ذلك تتحول الموارد الحكومية والاجتماعية إلى اتجاه لحل العديد من تلك الأعمال العنيفة مما يؤدي إلى هدر اجتماعي اقتصادي قد يأخذ زمنا للسيطرة عليه.
إن تهميش دور مصاعب الاقتصاد في إحداث الأثر الاجتماعي يزيد ارتفاع مستوى القلق ويؤدي إلى الخوف من المستقبل لدى الأفراد ويزيد في المقابل من حدة الصراع بين فئة أفراد المجتمع الميسورين والفئة الأخرى غير الميسورة ويزيد من اتساع مساحة الفقر وما يتبع ذلك من آثار اجتماعية وسلوكية مما يتطلب إيجاد حلول آمنه تراعي تخفيف وتيرة القلق والخوف لدى المجتمع ثم الانتقال للحلول الاستراتيجية بمشاركة أفراد المجتمع، وبالتالي فإن الحلول التي تأخذ في الحسبان الجانب التعاوني والتركيز على تقليل القلق والخوف لدى أفراد المجتمع ستؤدي إلى نتائج إيجابية ويتطلب ذلك المزيد من الإصلاحات والتسهيلات والإعفاءات الأكثر جوهرية والتي تتناسب ودينامية المجتمع، إضافة إلى زيادة فعالية وحزم الجانب الرقابي على السلع ومحاربة الفساد في الجهاز الحكومي، كما أن على الدولة تبني سياسة اقتصادية تكون بديلا عن السياسات الاقتصادية المتمركزة على نظرية أو معسكر اقتصادي محدد تهدف لرفاه الإنسان بشكل معتدل وتركز على الاستقرار النفسي والاجتماعي للفرد والمجتمع.
www.aleqt.com/2008/05/15/article_12451.html
|
خدمات المحتوى
|
تقييم
|