من أكثر المشكلات التي تواجه التواصل بين الناس سواء أزواج أو رؤساء ومرؤسون أو أبناء وآباء، افتقادهم مهارات الاتصال وكيف ومتى وأين يطلبون ما يريدون؟ وما الإمكانات المتاحة لتوفير أرضية مناسبة للطلب حتى وإن كان مشروعاً؟
صحيح أننا مجتمع ولد وتعلم بأسلوب المحاولة والخطأ، ولم تكن هناك مناهج أو مؤسسات تعلمنا مهارات التعامل والتواصل الفاعلة والناجحة، وضربنا برؤسنا في كل الحوائط حتى نستدل على الأبواب، وخرجنا من تلك الأبواب وبزعمنا أننا خرجنا إلى عالم النجاة والسعادة، وإذا بنا نواجه حقائق غير التي كنا نحلم بها. وأصبح الجفاء والحقد والعدوان والحروب الباردة والكيل بمكاييل عدة وسيلة من وسائل التعبير عن الحوار بيننا، فازداد الجفاء بين الزوجين وبين الأب وأبنائه وبين الرئيس والمرؤسين، وازدادت الصدامات وثقافة المؤامرة بين الزملاء والأصدقاء والأقارب، وتطورت الحساسية وسوء الفهم وثقافة المؤامرة والشك والتشكيك في نوايا الآخرين إلى درجة المرض.
فن التعامل بين الناس ومع النفس مهارة يمكن اكتسابها بالتدريب وإعادة التعلم، وهي كفيلة بالتغلب على معظم تلك السلبيات في العلاقات البشرية، بل هي أول وسيلة لتحقيق الذات والصحة النفسية، ولو حاولنا أن نشخص ما يحدث بين الناس وما يحدث لهم من مآسٍ وضغوط وأمراض، سنجد أن المشكلة تكمن في فقدان أو ضعف مهارات تواصلهم مع بعضهم، إضافة إلى معاناتهم من ضعف مستوى التوكيدية لديهم، وهي مستوى محبوب ومطلوب وحتمي للشخصية، مما يجعل الشخص أكثر ثقة بنفسه وأكثر تعبيراً عن مشاعره وهمومه وآلامه ومطالبه، بشكل منطوق دون المساس بكرامة الآخرين ومشاعرهم، ودون الشعور بالذنب وتأنيب الضمير بشكل "عمال على بطال"، وأن يتعلم متى يقول "لا" للآخرين بمهارة، وكيف يتعلم إعداد قائمة الأعذار حسب الموقف، والأشخاص ودرجة قربهم وحميميتهم، وكيف يتخلص من المشاعر السلبية التي تقوده للعدوان بشتى أنواعه، سواء اللفظي أو الجسدي أو السلوكي، وكيف يتخلص بالمقابل من كراهية الذات وصفة الكمال والعصمة عن الخطأ، والعجز عن التعبير عن الرغبات والحاجات والكذب والقلق.
المهم كيف نتعلم أن نضع ما سلف خلف ظهورنا، ونتعلم ونعلم أن برنامج مهارات تأكيد الذات متاح للجميع، وأن من برامجه كيفية صياغة مطالبنا وحاجاتنا في عبارات توكيدية.
لذا سألخصه في خمس مهارات، أولها تحديد الشخص أو الأشخاص، ثم تحديد ما تريد من دون "لف أو دوران"، ثم تحديد الوقت ومدته لكي تعرض ما تريد، بعد ذلك تحديد مكان عرض الطلب، وأخير تسمية الأشخاص الذين هم سبب في عرقلة مطالبك أو مساندتك في الحصول على مطالبك، على أن يكون تنفيذ تلك الطلبات في جو من التوكيدية التي سبق ذكرها.
|