تفاءلوا بالصحة تجدوها!
12-29-2011 07:01
من الإصلاحات التي تبشر بالخير لحكومة خادم الحرمين الشريفين إجراء حزمة كبيرة من الإصلاحات الصحية التي ستشمل البنية التحتية والفعاليات والخدمات الصحية، انطلاقا من استراتيجية الرعاية الصحية للمملكة التي أعدها مجلس الخدمات الصحية وراجعها وناقشها مجلس الشورى وهيئة الخبراء وعدد كبير من ذوي الاختصاص، لتضع أمام البلد خارطة طريق لجميع مكونات الصحة ابتداء من التمويل والرعاية الصحية الأولية والرعاية العلاجية والصحة الإلكترونية والقوى العاملة وانتهاء بالجودة ولمدة 20 سنة مقبلة، والمنتظر صدورها في الأشهر القليلة المقبلة.
والمشروع الإصلاحي الثاني هو مشروع الرعاية الصحية المتكاملة والشاملة الذي قدمته وزارة الصحة كخارطة طريق صحية تنفيذية لوزارة الصحة، تقوم على أساس تحويل الاهتمام من التركيز على النظام الصحي المعتمد على (المستشفى) إلى التركيز على احتياجات المستفيد من الخدمة وجودتها، ويتم تحقيق هذا المفهوم من خلال إيجاد نسق تنظيمي بين مستويات الرعاية الصحية المختلفة، التي تبدأ بالرعاية الصحية الأولية وتنتهي بالرعاية الصحية المرجعية، التي بدأت ملامحها تظهر على مستوى الواقع، من خلال إصلاحات جذرية للرعاية الصحية الأولية، وطرح سلة من الخدمات كالرعاية الصحية المنزلية وجراحات اليوم الواحد وإدارة الأسرة وإدارة الخدمات الإسعافية وغيرها من الخدمات، إضافة إلى التيسير على الناس بأن تكون الرعاية المرجعية للأمراض الخطيرة والمعقدة في إطار لا يتجاوز الـ 400 كيلو متر على مستوى مدن ومحافظات المملكة.
اليوم نحن أمام إعادة هيكلة لكافة الخدمات الصحية وبمشاركة كافة الهيئات والمؤسسات الحكومية الخاصة وغير الخاصة، وهي عملية مماثلة لما حدث في أغلبية الدول كماليزيا وغيرها.
ومن أهم مؤشرات جديتها أنها واضحة المعالم ودون اجتهادات ولم يسبق أن كانت من قبل، فلم يكن لدى المملكة استراتيجية صحية لمدة 20 سنة ولا مشروع رعاية متكاملة وشاملة.
وما يثير الاستغراب أن في ظل هذا الحراك والإصلاح نسمع أصواتا تدلي بدلوها وهي ما زالت في مأزق عدم التفريق بين استراتيجية لمجلس الخدمات الصحية ومشروع لوزارة الصحة، فهم يخلطون بين مجموعة سياسات وبين مشاريع تنفيذية، وأيضا مفاهيم وتجارب سابقة منها الشخصي وغير الشخصي، وينقلون ذلك إلى الآخرين بمعتقدات وأفكار محبطة وغير متفائلة، والغريب في الأمر أنهم يقاومون وبشراسة أي محاولة للإفهام أو لإعادة النظر في مواقفهم، وهذه مشكلة لا تخدم أي مشروع إصلاحي، فالمشاريع الإصلاحية تحتاج إلى لغة حوار مدعومة بمعلومات وقراءة ما بين السطور وتفاؤل وحزم وإصرار على التغيير، بعيدا عن تصفية الحسابات على حساب الحقيقة، وأعتقد أن مثل هذه الآراء لم تصدر إلا بسبب عدم تخصيصهم جزءا من وقتهم لقراءة مثل هذه المشاريع بشكل متأنٍ ومتابعة للمستجدات، إلى جانب قصور في تسويقها للناس.
تجارب الدول في مجال الرعاية الصحية كما قرأتها أخذت عقودا من الزمن لا تقارن بالعمر الزمني لنا، ومع ذلك ما زالت تعمل على مزيد من الإصلاحات في نظمها الصحية، وبعضها تبنى مفاهيم صحية عدلوا عنها إلى مفاهيم وجدوا أن مصلحتهم فيها، لا سيما أن تجربتنا فريدة ومتعددة ومتنوعة، المهم ألا نضخم الأخطاء إذا وجدت ونجعلها كارثة ونعممها على كل شيء (عمال على بطال) إذا أردنا أن نحقق رؤية خادم الحرمين الشريفين الإصلاحية.
|
خدمات المحتوى
|
د. عبدالله الحريري
تقييم
|