تكاليف الحياة
12-29-2011 07:02




من الصعب على البشر أن يعيشوا دون موارد اقتصادية سواء كانت طبيعية أو مالية، ومع تطور الإنسان وتحضره تزيد متطلباته للحياة وتصبح الموارد أكثر شيوعا وتصبح أمور الرفاهية في الحياة كاستخدام التقنية من الضروريات لاقتصاديات الحياة بوجه عام، وهناك علاقة بين اضطراب المزاج لدى الإنسان والاقتصاد وتلك العلاقة علاقة طردية فكلما كان الاقتصاد غير مستقر يحظى بالكثير من الهزات يشعر الإنسان بالإحباط والاكتئاب .. لأنه بدأ يشعر بالخوف لأن أحلامه وطموحاته قد لا تتحقق حتى وإن كانت صغيرة، ويبدأ الإنسان يفكر بخوف أكثر في تأثير ذلك الاقتصاد على بقائه وحياة أهله ويزداد التفكير كثيرا عندما يجد نفسه عاجزاً عن فعل شيء كتلبية تكاليف الحياة الأساسية التي تحقق له حياة شبه متوازنة وغير مترفة.
هنالك تكاليف صعبة في الحياة، فالإنسان دائما يعيش في كبد من تلك التكاليف وقد يضحي ويغامر بنفسه بطرق وأساليب مختلفة من أجل كسر حدة تلك التكاليف وقد يصبح إنسانا سلبيا محبطاً عندما يجد أن مقابل ما يبذل من مجهودات فكرية واجتماعية وجسدية لا يوازي أو يغطي على الأقل تكاليف حياته وبخاصة عندما يضع نفسه في مجال المقارنة بالآخرين وبأهدافه وطموحاته في الحياة.
الإنسان دائماً في حالة من الحديث مع النفس والتفكير والهواجس والأحلام المزعجة حول تكاليف حياته، فهو يسأل نفسه كم تكلف حياته حياة الآخرين عندما يقوم بفعل ما قد يجده هو الحل الوحيد أمامه ويصل به الأمر في ظل تلك الدوامة من التفكير إلى الاكتئاب الشديد وبخاصة الاكتئاب الغاضب، مما يدعوه إلى محاولة التفكير في إنهاء حياته ربما عن طريق الانتحار بشتى أنواعه لمحاولة الخلاص والخروج من تلك الدوامة كما يتوقعها، ولكي يحاول إيقاف الكثير من التساؤلات التي لا إجابة لها حول حياته بصفة عامة.. ولماذا وصل إلى ما وصل إليه؟ ولماذا هو على تلك الحالة؟
وفي الحقيقة ربما تجبره تكاليف الحياة العالية والمجهدة بمفهومها الشامل إلى تشتيت انتباهه وتقليل فرص إيجاد عدد كبير من الحلول مختلفة المذاهب، فهو يدرك أن هنالك مجموعة من الحلول أمامه وأنه إذا حاول أن يسلك أكثرها نسبة في النجاح قد يخرج من معاناته ولكن تشتته وتمسكه بحل واحد قد يزيدان من معاناته لضعف ثقافته حول اقتصاديات الحياة وأن هنالك تكاليف قد تساعده وقد لا تساعد على المستويات كافة مما يدعوه إلى التقوقع حول نفسه وبناء بيئة من الوهم والحلول غير العقلانية .. لو تعلمنا في البيت وفي المدرسة مفهوم اقتصاديات الحياة وتكاليفها فسنجد أن هنالك فعلاً تكاليف ولكن من الممكن جعلها غير باهظة وجعل تأثيرها محدودا إلى حد ما لأن مفهوم اقتصاديات الحياة وتكاليفها يجعل الإنسان يتعامل مع نفسه ومع الآخرين بمفاهيم أخرى مختلفة يحكمها الكثير من القناعات والرضا ومن ثم يستطيع أن يعطي ويأخذ بدون تشنج أو صراع كون الشخص الآخر المقابل لديه التفكير نفسه وبالتالي سيتم في آخر المطاف الوصول إلى تسوية مرضية للجميع بدون أي إحباطات أو توقعات غير واضحة.

تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 283


خدمات المحتوى


د. عبدالله الحريري
د. عبدالله الحريري

تقييم
0.00/10 (0 صوت)

Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.