حارسة النخيل
12-30-2011 09:55
الإنسان أكثر تكيفا مع البيئة من الكائنات الأخرى، وقد أكدت الكثير من الأحداث والمواقف قدرته على الحياة في أصعب البيئات وتتولد لديه إرادة تكيفية تجعله يستطيع الحفاظ على حياته إلى أقصى الحدود وبالمقابل نجد الإنسان أكثر من الكائنات في إرادة قتل نفسه عندما يقرر الانتحار وهذه في الحقيقة ليست مفارقات بقدر ما هي تصوير لقدرته على الحفاظ أو عدم الحفاظ على حياته، وإذا ترك الإنسان لإرادته وممارسة حقوقه لاستطاع أن يتجاوز مرحلة التكيف إلى مراحل متقدمة من التوافق مع نفسه وبيئته، والإنسان عندما يملك القوة والتحكم في متغيرات بيئة إنسان أخر ويمارس عليه سلب الحرية والظلم فإن ذلك أكثر فتكاً بالإنسان، لأن لا إرادة له فيها وعندئذ لا تصبح لديه الإرادة والحق في أن يقرر كيف يعيش فالدكتاتور والسجان الذي يعذب الآخرين بالوكالة والذي ينفذ القتل والإبادة، الجماعية والعمليات الانتحارية بدماء باردة والذي يمارس الاعتداء على الآخرين لما يملك من نفوذ هؤلاء عندما يفعلون فعلتهم هم في حقيقة الأمر سلاب للإرادة الإنسانية نتيجة ما يعانون من أعراض اضطرابات شخصية تدفعهم نحو تلك الحماقات اللإنسانية فهم لا يفعلون أفعالهم تلك بعقل إنساني سوي بل بعقل مضطرب أثناء الفعل وبتراكمات إما وراثية أو مكتسبة تعرضوا لها في مرحلة من مراحل نموهم ثم انعكست على أفكارهم وسلوكياتهم وبدأت تظهر كأعراض مرضية فكرية وسلوكية تظهر عندما توفرت البيئة الداعمة أو المناخ الذي يساعد على تطور ذلك الاضطراب ولقد روت الأستاذة الإعلامية القديرة سمية الشيباني، كثير من الأحداث الإنسانية بواقعية في روايتها حارسة النخيل، وكيف أن الإنسان يعيش مسلوب الإرادة تحت تأثير الخوف والقهر، وأن الخوف قد يدفع الإنسان للإبداع كنوع من التوافق بدلاً من التكيف، وأن الحب لا يأتي من الصمت ولا يكبر في أجساد معتلة ولا ينشأ في بيوت معتمة، وأن الخوف قد يميت فينا الرغبة في أن نحيا فلنطرده لكي نحيا، وأن الحياة رحلة محيرة كما عاشتها سيدة البحر وحارسة النخيل.
http://www.aleqt.com/2006/09/16/article_6420.html
|
خدمات المحتوى
|
د. عبدالله الحريري
تقييم
|