حبيبنا العالم الافتراضي!
12-30-2011 10:02
من الأمور السهلة في الحياة الزواج والطلاق، ففي الأول قبول وولي وشاهدين ومأذون وعقد نكاح (وانتهت السالفة) ونفس الشيء في الثاني الطلاق (كلها كلمة وانتهى الموضوع) ... ولكننا صعّبنا الأول وسهلّنا الثاني، وإذا أردنا أن نصعّب أي منهما نكثر من الإجراءات والتكاليف، ونضع لكل منهما ثمنا بينما هما لا يباعان ولا يشتريان وليس لهما ثمن.
بينما من الأمور الصعبة ثبات العلاقة بين الزوجين واستمرارها في ظل الظروف الحياتية ومؤثراتها، ومن الأمور الصعبة أيضا استمرار الحب والصداقة بين الزوجين في ظل المتغيرات الجسمية والنفسية الحتمية لكلاهما، ولكن في المقابل كل هذه الصعوبات ليست مستحيلة عندما تكون هناك رغبة وإرادة وإصرار، وعندما يتم الاختيار بناء على العاطفة والعقل والصراحة والوضوح وصدق المشاعر والكلمات بعيدا عن المجاملات والتجاذبات وتعارض المصالح.
اليوم أصبحت العلاقات والصداقة والحب تتم عبر عالم غير واقعي وليست له أرضية، وهو ما يسمى بالعالم الافتراضي (الإنترنت) وبواسطة مواقع التواصل الاجتماعي والشات، وظهر مصطلح الحب والصداقة الافتراضي وعلى ضوء ذلك أصبح هناك انحراف في معاني ومفاهيم تلك العلاقات وصداع ما بين عالمين عالم افتراضي وعالم واقعي.
إذا لنرَ الصداقة في التعريفات النفسية كما جاء في كتاب الصداقة من منظور علم النفس، أنها عبارة عن علاقة اجتماعية وثيقة ودائمة تقوم على تماثل الاتجاهات وتحمل دلالات بالغة الأهمية تمس توافق الفرد واستقرار الجماعة.
العالم (سيرز وزملاؤه) يوضحون أن الصداقة بوصفها علاقة اجتماعية وثيقة تتميز بالاعتمادية المتبادلة التي تبرز من خلال تأثير كل طرف في مشاعر ومعتقدات وسلوك الطرف الآخر، كما تشمل أنماطا مختلفة من النشاطات والاهتمامات المتبادلة، وقدرة كل طرف على استثارة انفعالات قوية في الطرف الثاني.
أما الحب من الناحية النفسية كما أشار العالم (دافيز) إلى أنه صداقة إذ يستوعب كل مكونات الصداقة، ولكنه يزيد على الصداقة بخصائص الشغف التي تشمل الافتنان وهو ميل المحب إلى الانتباه للمحبوب والانشغال به والرغبة في إدامة النظر والتأمل والحديث معه، وكذلك التفرد أي الالتزام والإخلاص للمحبوب، وكذلك الرغبة الجنسية وهي رغبة المحب في القرب البدني من الطرف الآخر ولمسه ومداعبته، والمكون الآخر للحب فهو العناية وهو تقديم أقصى ما يمكن من اهتمام بالغ للمحبوب عندما يحتاج إلى العون ولو وصل الأمر للتضحية بالنفس وكذلك الدفاع عن مصالحه والمحاولة الإيجابية لمساعدته على النجاح، إلا أنه استدرك وقال إن الحب والصداقة يتشابهان في وجوه عديدة، غير أنهما يختلفان في مظاهر أساسية تجعل الحب علاقة أوفر إثابة إلا أنها أقل استقرارا.
وعلى "سالفة" العلاقات فمن العلاقات الزمالة والقرابة والكثير من المسميات التي تتشارك مع بعضها ولكنها قد تتداخل وتتصارع وتفهم بحذر عندما تكون خلف الأجهزة والكواليس وفي الظلام.
المهم هنا أن العالم الافتراضي (ودانا في ستين ...) وجعل عواطفنا ومشاعرنا (مثل جو الرياض مرة حر ومرة برد ومرة غبار وخلى ربعنا مرة محبطين أو مكتئبين أو منتحرين) من كثرة التوقعات والآمال والتفسيرات والتأويلات وحرق الأعصاب واستنزاف واستهلاك المشاعر، وأخيرا يظهر المحبوب والصديق شخصية افتراضية عائش لعالمه التنكري محاولا إسقاط رغباته وعدم قدرته على إظهار شخصيته المضطربة في النور، والسبب صديقنا الإنترنت وعليك الحساب وعليه المزيد من (الدوخة).
http://www.aleqt.com/2011/06/27/article_553314.html
|
خدمات المحتوى
|
د. عبدالله الحريري
تقييم
|