المقالات
مقالات د. عبدالله الحريري
حفظ المعاملة للمزيد من التأمل
حفظ المعاملة للمزيد من التأمل
12-30-2011 10:12





تشهد المملكة تحولا في مفهوم الإنتاجية والجودة والتشغيل من خلال التوسع في برامج التشغيل الذاتي للخدمات، سواء صحية أو غيرها التي تتخذ من قانون العمل والتأمينات الاجتماعية أساسا لتوظيف القوى البشرية من مبدأ البقاء للأفضل والخروج من عباءة نظام الخدمة المدنية الذي كرس عند الموظفين مفهوم الوظيفة كضمان اجتماعي، وأن الناس سواسية في الإنتاجية والقدرات، وعدم الاستقرار المكاني.
تجربة التشغيل الذاتي في المملكة مفيدة بأنها ستنقل القطاعات الخدمية كالصحة وغيرها إلى مستوى مميز من المرونة، والاستقطاب، والجودة، والتنافسية، والثقة في القدرات، إضافة إلى أنها تتيح للجهات الإشرافية الدقة في معرفة مدى تحقيق الأهداف، ومستوى الإنتاجية والقدرة على مواجهة التحديات والتطورات.
المملكة لديها نظامان في التوظيف تقوم عليهما وزارتان هما وزارة الخدمة المدنية ووزارة العمل، وأيضا نظامان للتأمين التقاعدي، ما جعل هناك نوعا من الاختلال في مفهوم وطبيعة التوظيف، وهذا انعكس بدوره على أداء كثير من القطاعات الحكومية، فالهيئات الحكومية والخدمات الصحية بدأت تتجه إلى برامج التشغيل الذاتي المنطلق من نظام العمل كون نظام العمل أحدث نظام للعمل والتوظيف في السعودية بعد التعديلات التي أجريت عليه، وأصبح اسمه نظام العمل بدلا من نظام العمل والعمال، وهو نظام يتميز بالمرونة مع حدود وحقوق دنيا للتطبيق تتناسب مع الموظف وطبيعة كل مؤسسة وأهدافها، والمتغيرات الزمنية وسعر السوق، وهو ما أتاح الفرصة للجهات الحكومية التي تحولت إليه أن تحقق نقلة نوعية في الفكر الإداري المبني على الإنتاجية والبحث عن التميز والمنافسة، واستطاعت أن تصبح أماكن للجذب والاستقطاب، بينما كانت في السابق بيئة مناسبة لمن لا يرغب في العطاء، وعدم تحمل المسؤولية والإبداع وطاردة للكفاءات، وحاضنة للمديرين والمسؤولين المعقدين المغدقين في البيروقراطية، ومحبة تعقيد وتطويل الإجراءات، الذين يعانون ضعفا في الذكاء العاطفي والثقافة العامة، والميل كثيرا للحفظ وإكمال اللازم.
أعتقد أن نظام البرامج التشغيلية القائمة على نظام العمل والتأمينات الاجتماعية هو ما سيغير التركيبة لمفهوم العمل في المملكة في السنوات القليلة المقبلة، لأنه يخدم التوجه العام نحو التنافسية والخروج من عباءة العالم الثالث، وسيوفر قدرة تشغيلية متميزة للخدمات، وسيسهل كثيرا من الإجراءات لصالح المستفيدين إلى جانب إدارة الموارد، سواء مادية أو بشرية بشكل تستطيع من خلاله الدولة تقييم وتقويم كل برنامج بمعزل عن الآخر بعيدا عن النظرة الشمولية السائدة للقطاع أو الوزارة أو المديرية التي تنظر للأمور ككل منتج، وليس كوحدات منتجة.
إن حضارة الشعوب وتقدمها لا تقاس بالطرق والإسكان وما في حكمها، ولكن تقاس بتقدمها في إدارة تلك الموارد والمؤسسات، سواء اجتماعية أو صحية أو تعليمية، وقد نكون شبه متفقين على أن بعض مؤسساتنا ما زالت تعاني مظهرا أو أكثر من مظاهر التخلف الإداري، الذي يبدو على شكل روتين طويل معقد بطيء، إضافة إلى تضخم إداري وهيكلي، وتضخم في عدد الموظفين، مقابل قلة في الساعات المنتجة، وكذلك التمسك بحرفية القوانين والتفسير الحرفي الضيق للتعليمات واللوائح وتجاهل الفروق بين العاملين والوحدات، وفقدان الحرية في الابتكار والتجديد، خوفا من المساءلة، إضافة إلى عدم المرونة، ومقاومة التغيير، وعدم القدرة على التكيف مع المستجدات. وكل هذه المنظومة السلوكية والفكرية تقود إلى التخلف في جميع مجالات الحياة عما يحدث في العالم.

http://www.aleqt.com/2011/01/10/article_489671.html

تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 328


خدمات المحتوى


د. عبدالله الحريري
د. عبدالله الحريري

تقييم
1.00/10 (12 صوت)

Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.