المقالات
مقالات د. عبدالله الحريري
خلاف القرود على الموزة
خلاف القرود على الموزة
12-30-2011 04:41




من القصص الطريفة قصة القرود التي أجريت عليها تجربة الموزة والصعقة الكهربائية، فقد قرر العلماء دراسة ردود فعل القرود للتغير والإحباط، فوضعوا مجموعة من القرود في قفص ومعها موزة معلقة، وعندما يريد أحد القرود أن يتناول الموزة تصعقه الكهرباء، وهكذا حتى أصبح القرود ينظرون إلى الموزة دون أي محاولة لأكلها من كثر الصعقات الكهربائية، ثم أدخلوا عليها قردا جديدا وكان متحمساً لأكل الموزة، وعندما حاول هجمت عليه القرود الموجودة في القفص وتعاركت معه حتى اندمج معها وأصبح يعيش في نفس سلوكهم الناتج عن الصعقات. وكرر العلماء الطريقة نفسها بإضافة قرد آخر ولكن كانت النتيجة نفسها، فقرر العلماء أن يغيروا جميع القرود بقرود أخرى جديدة واندهشوا عندما لاحظوا أن القرود الجديدة تنظر إلى الموزة ولكنها لم تحاول حتى لمجرد المحاولة مغازلة الموزة واكتفت بالجلوس.
وقام عالم آخر يدعى سليجمان، وهو أحد رواد نظريات الإحباط والاكتئاب، بتجربة على كلب وضعه في قفص أرضيته من الحديد المرتبط بالكهرباء وقام حسب جدول معين بصعقه بالكهرباء، ووجد أن الكلب مع كل صعقة ينبح ويقف على رجليه، وبعد عدد من الصعقات لاحظ أن الكلب لم يتحرك بالرغم من الصعقات والألم، وخرج بنظريته. وفي الدراسة التي قمت بها على الفئران أثناء دراسة مرض الرهاب الاجتماعي وجدت أن الفئران تتخذ مواقف تسمى سلوك الحماية لأي تغيير جديد بالهجوم ثم الاستسلام.
وكون الإنسان يؤثر ويتأثر ببيئته سواء الداخلية أو الخارجية، فإن القيام بمحاولة للتغيير تواجه عادة بمقاومات معرفية نتيجة خوف الفرد من إعاقة تلك التغييرات أو إعادة الهيكلة على إشباع رغباته وحاجاته وأهدافه وتوقعاته، فيقاوم الأمور بالسلبية ووضع المعوقات والتأخير واللف والدوران والزحلقة والتسويف والشائعات وإيجاد الصراعات.
وقد تسهم وسائل الضغط الاجتماعي والإعلام في إحجام الفرد عن القيام بدوره كما يجب كما يحدث في أخطاء التشخيص الطبي نتيجة خوف الطبيب من بذل مجهود علمي مضاف يحسب عليه ويلام عليه إذا أخطأ، فيفضل أن يقوم بالأمور الروتينية ويحول الحالة إلى غيره، لأن البيئة التي يعيش فيها أكسبته خوفاً معرفياً من أن يقوم بأي تغيير أو مبادرات فسيواجه بعقبات وعقوبات غير مباشرة كدخوله في حلقة من الصراع تجعله ينجذب إلى مهمتين مختلفتين، فيضطر إلى اختيار المهمة المريحة له نفسياً حتى وإن كان غير مقتنع بها من باب "الباب اللي يجيك منه الريح سده واستريح"، ويدخل في سيناريو الكذبة المصدقة لتتوسع دائرتها لتصبح المؤسسة أو البيت أو الجامعة قرية صغيرة ترث سلوكا مركباً من الخوف والقلق والإحباط والصرعات التي تنعكس على الأداء والإنتاجية، ويدخل كل الناس لا شعورياً في الصراع على القضايا الجدلية وتضخيم الثانويات وبث الشائعات، فمرة على قيادة المرأة ومرة على الأسهم وإقالة فلان وعلان، خاصة في ظل انعدام الشفافية وغياب المعلومة الواضحة والصريحة التي قد تكون مؤلمة في الغالب.

www.aleqt.com/2006/04/22/article_4999.html

تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 319


خدمات المحتوى


د. عبدالله الحريري
د. عبدالله الحريري

تقييم
1.00/10 (12 صوت)

Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.