خيرنا عند غيرنا
12-30-2011 04:46
دولة كالسعودية أعتقد - دون شك - أنها أنجزت الكثير من الإنجازات على الأقل خلال الـ 50 سنة الأخيرة حتى اليوم، واستطاعت أن تؤسس بنية تحتية أكثر من جيدة في مجال التعليم العالي والصناعة والموارد البشرية. ولتوافر الموارد المالية استطاعت أن تختصر الزمن وجرّبنا كل شيء وما زلنا نجرّب، ولكن مما يلفت الانتباه أننا نكتشف من الخارج وليس من الداخل ويُقدر أغلب هذه الإنجازات والأفكار من مؤسسات خارجية، وأثناء المنتديات العالمية والمؤتمرات نعلم ما لا نعلمه عن تلك الإنجازات، ونقف مندهشين لما حدث.
أعتقد أن المشكلة تكمن في أننا لم نتعلم مهارات عرض أنفسنا لأنفسنا وللآخرين وإخراجها بشكل جيد ونلخبط ما بين التواضع والتفاخر والغرور والسلبية وبين تأكيد الذات وإبراز الواقع وتسويق الذات و"شاطرين" في جلد أنفسنا وإبراز سلبياتنا بدعوى الإصلاح، ولم نتعلم أن أي متناقضين في الحياة يقعان على خط واحد، ولكن كل واحد منهما في طرف مختلف عن الآخر ومن الممكن أن يلتقيا في الوسط حسب النسبية وهو ما يمكن أن يسمّى الاتجاهين المتعاكسين المتطرفين في أي شيء في الحياة .
وأعتقد أنه من الصعب جمع المتناقضين في طرف واحد وإلا أصبحت الحياة كمن يلعب على أرجوحة خشب من طرف واحد فيبقى دائما في الأرض ولن يرتفع لأن الجانب الآخر من الأرجوحة لا يوجد عليه أي ثقل.
لدينا مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية ومراكز أبحاث أخرى مستقلة وأبحاث الجامعات، وأنجزنا الكثير من الخطط وصدرت أنظمة كثيرة وإصلاحات خلال فترة وجيزة، ولكن هل يعرف المواطن عنها شيئا أم المسألة محصورة في فئة معينة من النخبة الذين أصبحوا مضطرين للبحث عنها من أجل أعمالهم أو أبحاثهم؟ ما مصير أبحاثنا في المدينة التي صرفت عليها الدولة من الموارد الكثير حتى تنجز؟ وهل استفادت الدولة والمجتمع منها؟ وهل سوّقت للناس والعالم بشكل جيد أم هي فوق الأرفف؟ وأنا أعلم أبحاثا مهمة جداً شاركت في بعضها من باب المساعدة أثناء التطبيق العملي وانتهت ثم اختفت .
هناك جانبان لعرض أنفسنا وإنجازاتنا، الجانب الأول: أننا نريد أن نستفيد من تلك الأمور، وأن تطبق على أرض الواقع. والجانب الآخر: إننا بحاجة إلى أن يزداد وعينا وثقافتنا بما أنجزنا، فهذا من أهم الحوافز الإنسانية لنا. لماذا خيرنا لغيرنا فقط كرب الأسرة الغني الذي يقتر على أهله ويضغط عليهم ويبذر فلوسه في غير مكانها، وينتظرون متى يموت حتى يورثوه. وهنا يتولد عند الناس نوع من ضعف الولاء والتعاطف مع المنجزات مما يجعلهم ينتظرون الفرصة لإهدارها أو عدم التعامل معها. أعتقد أيضاً أن المنظمات الدولية لم تقبل بنا كشريك لسواد أعيننا، بل لأننا عندما ركزنا واحتوينا وعرضنا أنفسنا بشكل جيد وأبرزنا أفكارنا وقدراتنا وما قمنا به على أرض الواقع أصبحنا شركاء استراتيجيين. وما أتمناه أن يعي الكثير من المسؤولين الفرق الكبير بين عرض نفسه في الإعلام، وأنه خرج وعاد وافتتح واغلق وبين عرض إنجازات المؤسسة التي يرأسها وما استراتجيات عمله وأفكاره وخططه التي نُفذت والتي ستنفذ وماذا أحدث من تغيير في مؤسسة حتى نعرف هل هو قدر المنصب؟ وما قدمت تلك المؤسسة من خدمة للمجتمع إلى جانب ما قد يحدثه التحدث عن الإيجابيات من زيادة في وعينا وثقافتنا تجاه وطننا ومقدراته؟
www.aleqt.com/2006/05/20/article_5271.html
|
خدمات المحتوى
|
د. عبدالله الحريري
تقييم
|