زمن أبو العُريف
12-30-2011 04:57
مما يلفت الانتباه كثرة تذمر موظفي الدولة والشائعات وكثرة الإحباطات التي يتحدثون عنها من جراء الممارسات الإدارية، فمنهم من يقول إن مديره أو رئيس عمله لا يسمح له بالإبداع، وآخر يتحدث عن التعسف الإداري وقمع المسؤولين للموظفين، ومنهم من يصف الممارسات الإدارية بالصبيانية وغير المسؤولة واللعب وانفعالات المديرين الشخصية على الموظفين .. إلخ من الممارسات الإدارية والسلوكية والمزاجية.
هناك فعلا مشكلة إدارية سلوكية وفي الوقت نفسه حقوقية، فالترشيح للعمل القيادي الإداري لا يخضع لمعايير سلوكية ومعرفية بقدر ما يخضع لحيثيات الترقية المعروفة والتكليفات للمناصب القيادية الإدارية التي عادة ما تقوم على تقييمات شخصية وعلاقات وزمالة وأبعاد إعلامية، ويعتقد الشخص المكلف أنه الشخص الأوحد المؤهل نفسيا وعلميا وثقافيا واجتماعيا واقتصاديا وأيضا خبير في علوم ودهاليز السياسية، يعني أبو العُريف، ويأخذ في نفسه مقلبا ويعصف بالوزارة أو المؤسسة التي يرأسها ويخلق حالة من الفوضى والصراعات والشائعات وضوح الرؤية والأهداف.
المشكلة مشكلة مفهوم القيادة الإدارية والسلطة الإدارية والسلوك الإداري إلى جانب الثقافة العامة، فأغلب أولئك مازال يدير الإدارة كمن يقود دفة مركب شراعي من دون بوصلة ويستخدم مصطلحات دكاكينية أيام زمان وأهم شيء مزاجه الذي لا يعرفه إلا علماء النفس، وربما يضعون علم النفس على جنب أمام تلك التقلبات المزاجية ويريد أن يحفر في الصخر ويقلب الموازين والعلوم الإدارية والسلوكية حسب مزاجه في وقت إذا لم يكن للمؤسسة أي قيادي متزن انفعاليا ويملك قدرات قيادية وإدارية فذة ومتطورة فستعصف بها الرياح ولا يواكب التنمية والخطط الاستراتيجية للدولة.
لقد كانت لشفافية خادم الحرمين الشريفين ووضوح سياسته أكثر من مغزى ورسالة لجميع قياديي الدولة في الاستفادة من الموارد المالية والبشرية وغيرها وتوظيفها التوظيف الأمثل ومراعاة مظالم الناس على حد سواء، سواء كان مواطنا أو موظفا، ولم يمنح الحق لأي مسؤول أن يستأسد على مرؤوسيه وينزع حقوقهم في ممارسة مواطنتهم وإبداعاتهم وعدم إحباطهم. وعلى الرغم من التأكيدات المتتالية إلا أنه كما يبدو ما زالت المفاهيم لم تتغير وما زالت حليمة على عادتها القديمة وربما نحتاج إلى الانتظار حتى يذهب جيل ويأتي جيل آخر.
الآن نحن في أمس الحاجة إلى الخروج من عبارة وزارة الخدمة المدنية ووزارة العمل إلى وزارة للتطوير الإداري وتنمية القوى البشرية، فالمشكلة التي واجهتها المملكة وستواجهها خلال الأشهر والسنوات المقبلة ليست في الموارد المادية والأفكار والخطط، بل في استثمار وإدارة الموارد البشرية والاستثمار فيها وتطويرها بشكل مستمر ولنا عبرة وتحية إكبار في طريقة "سابك" و"أرامكو" وغيرهما من الشركات التي كان لاستثمارها في الموارد ما نراه ونلمسه من إنتاجية وبعد نظر.
www.aleqt.com/2007/09/29/article_10144.html
|
خدمات المحتوى
|
د. عبدالله الحريري
تقييم
|