سعودي ولكن خيال مآتة
12-30-2011 04:58



أعتقد أن الأزمات العالمية المحيطة بنا تجعلنا أمام عمل حقيقي لإعادة ترتيب اقتصادنا الداخلي، وبالذات ما يتعلق بتجارة التجزئة ومشاريع الاستثمار الفردي كالورش وما في حكمها، فلقد بلغ السيل الزبى لتجاوز الأنظمة وتحديها من قبل المواطنين والوافدين، وبلغت معدلات التستر أعلى مستوياتها، وأصبح المواطن "يستحلي" العملية على حساب أبناء وطنه. المهم أن يصل للثراء في أقرب وقت على حساب استحلاب تلك العمالة، وفي ضوء ذلك لم يعد هناك مكان للتجار الحقيقيين من السعوديين في السوق، فإما أن يلعبوا على الناس ويخدعوهم ويتخلوا عن الجودة والصدق في البيع وإما أن يعملوا كما يعمل غالبية تلك العمالة الوافدة التي تدير محال وتستخدم سجلات تجارية وأوراقا لسعوديين نايمين في بيوتهم، وهذا ما دفع بعض التجار السعوديين الحقيقيين الذين يريدون أن يكسبوا مالهم بالحلال ويمارسوا مواطنتهم بإيجابية وعلى أرض الواقع إلى الخروج من السوق أو تغيير أنشطتهم التجارية.
لقد ذكر لي أحد أولئك التجار الذين يبيعون مواد البناء، ما واجهه من حروب من تلك العمالة لدرجة أنهم أصبحوا يبيعون المواد التي يبيعها مفسخت بأقل كثيرا من سعر التكلفة، وعندما حاول التقصي وجد أنهم يقومون بمجموعة من الاحتيالات، منها إعادة سرقة بعض تلك المواد عند إيصالها، أو تبديل بعضها بمواد رديئة أو سرقتها، كلها وإعادة توزيعها لعملاء آخرين أو بواسطة أماكن توزيع متعددة لهم، أو وضع علامات تجارية مقلدة، وهكذا من أساليب الاحتيال المعروفة.
تجار السوق السوداء وخيال المآتة من السعوديين والوافدين عندما يتعاملون مع العميل السعودي أول ما يفكرون فيه كيف يحتالون عليه، وكيف يحصلون على أكبر قدر من فلوسه في أقصر مدة زمنية وبأقل أو دون التزامات، ولديهم أوقات في السنة يهربون بالغنائم إلى بلادهم بحجة العمرة والإجازة الصيفية، وأغلبها فترة ركود تجاري، والمخالف منهم لأنظمة الإقامة، يجد له محطة جاهزة للسفر من خلالها وعلى حساب الدولة، وفي أي وقت يشاء، ما عليه إلا أن يتحمل التوقيف محمولا مكفولا لحين سفره إلى بلاده، أما التاجر السعودي الحقيقي الذي لا يؤجر سجله التجاري من الباطن ويقوم على أعماله بنفسه، وقد يساعده أولاده أو يوظف أبناء بلده، فأعتقد أن ما يهمه أولا وقبل كل شيء اسمه وتاريخه واستمراره في السوق وتطوير تجارته، والتعامل معه مأمون في كل الأحوال من النواحي النظامية والقانونية ووزارة التجارة له دائما بالمرصاد.
أعتقد أن السعوديين الذين يقومون بجميع عمليات التستر وألوانه هم أكثر المسيئين لهذا البلد وأمنه الاقتصادي والاجتماعي، فمن جراء أعمالهم غير الوطنية تزداد الأعمال الإجرامية والجنائية والاحتيال للعمالة التي يقومون بالتستر عليها وتركها ترعى فسادا في البلد أو توفير التسهيلات لها من خلال العمل والتجارة وتهريبها عبر المدن ومن الحدود، وإذا استمر الأمر على هذا الحال فسنخسر تجارنا الحقيقيين وتجارة التجزئة، وأيضا أمننا الشامل، ومن ثم فقد تعاني الدول صعوبات مع من تم إقراضهم لتأسيس تجارة صغيرة أو متوسطة عندما لا يستطيعون الوفاء بالتزاماتهم.


www.aleqt.com/2008/10/20/article_13982.html

تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 278


خدمات المحتوى


د. عبدالله الحريري
د. عبدالله الحريري

تقييم
1.00/10 (13 صوت)

Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.