أ. ب. لاقتصاد معرفي
12-28-2011 05:47
د. عبد الله الحريري
من الرائع أن نتعلم الكثير من المهارات الحياتية التي ستصبح جزءا من سلوكنا ومعتقداتنا، ومن الرائع أن نتعلم كيف نستطيع تطبيقها على أرض الواقع بدون إحباطات ودفاعات ومقاومات، ومن الرائع أيضا أن تكون خبراتنا وتاريخنا التراكمي مصدر إلهام للتطور على النطاق المعرفي ليعود على الإنسانية بالخير والرفاه.
رجل الاقتصاد الإيطالي باريتو منذ أكثر من مائة عام قلبها في رأسه بعد ملاحظته لأحوال قومه الإنتاجية وإهدارهم للوقت، وخرج بأهم معتقد حول إدارة الوقت الذي يطلق عليه 80/20 ووصف فئة الثمانين بأنها الفئة في المجتمع الأقل نفعا وحيوية، والعشرين الباقين هم الفئة الأكثر حيوية ونفعا، وأن الأقل نفعا وهم الغالبية (ضايعين في الطوشه)، وإذا قاموا بعمل ما يلتون ويعجنون كعجين الفلاحة على قول الإخوة المصريين، وفي آخر المطاف زين إذا لحقنا وأكل خبزها.
طبعا نحن نتحدث عن مجتمعات صناعية تُغلب العمل على أي عاطفة، فالمسألة بالنسبة لهم تحديات حياتية وما أحد يرحم أحدا أو يتصدق عليه إذا لم يجد ويجتهد ويبدع ويطور من ذاته، وفي المقابل فإن تلك التحديات عادة ما تأخذ طابعا أغلبه تنافسي شريف وتوكيدي.
الحقيقة احترت وأنا أفكر في تلك المعادلة وإمكانية تطبيقها على مجتمعنا، فالواقع لا توجد معايير لتقييم الإنتاجية وإدارة الوقت، لأن الجميع سواسية كأسنان المشط في آخر الشهر ويعتبر من يحاول تشمير ذراعيه لوضع معايير أو تقييم أداء موظف بواقعية وفي ضوء مخرجات محددة كمن يلعب بالنار وتنهمر عليه الشائعات وفنون الضغوط كالحمم البركانية، لأنه قام بعمل يرونه إضرارا بمصالحهم حتى وإن كانوا على غير حق، وفي هذه الحالة ينقلب الهرم وتصبح القاعدة غير المنطقية في الأعلى وتصبح المعادلة 99/1.
ربما تذهب الحيرة أمام حقيقة أننا مجتمع لا نريد أن نكون منطقيين وصادقين مع أنفسنا أمام موضوع الإنتاجية وهدر الوقت وجودة الأداء، ولا نريد أن نعتقد بذلك حتى وإن ذهبنا لأكبر المعاهد لنتدرب على إدارة الوقت، والنتيجة أننا نسمع لجلجة وشعارات وإقامة مشاريع ومؤتمرات ومعارض وتوصيات لجميع الوزارات، وفي آخر المطاف لا نتائج توازي تلك اللجلجة والدعايات وما أهدر من وقت، وعندما تدخل إلى عمق أي وزارة أو إدارة تجد الناس مشغولين بالثرثرة والسواليف والصراعات والشائعات، وفلان انشال وفلان انحط، والوزير اليوم راضي وبكرة زعلان، وضاعت الصحة في شربة مويه.
إذاً هل نستمر في تحقيق معادلة 99/1 أم نطبق 80/20؟ هناك رأي يتولى الموضوع يحتاج إلى ثورة معرفية وآخر يقول إن أفضل الحلول وأسهلها تطبيق نظرية "أبجد هوز" لإعادة البناء المعرفي والانتقال بالناس إلى مرحلة الاقتصاد المعرفي؟!!
|
خدمات المحتوى
|
د. عبدالله الحريري
تقييم
|