صاحب المعالي والسعادة
12-30-2011 05:12
المنصب عند العرب فرصة شخصية وعائلية أو عندنا "رزة" وحالة اجتماعية لدرجة السباق الحميم واستنفاذ واستغلال "الواسطة والمحسوبية"، وإن كان هنالك طريق أو وسيلة يمكن أن توصل للمنصب فالغاية تبرر الوسيلة في هذه الحالة الاستثنائية .
نحن نتكلم ونتحدث عن أزمة الإدارة والإنتاجية والكفاءة للقطاع الحكومي لدرجة الإحباط والثرثرة "وما نشوف" أي تقدم وهناك أكثر من هيئة وديوان لمراقبة ذلك الأداء لدرجة قد تصل إلى التضخيم وربما توازي وزارات الدولة وكل يوم نطبق أسلوب إداري ونعيد هيكلة وزارة أو قطاع ولكن ما زال الحال كما هو عليه وأصبح المواطن عندما تذكر أمامه أي قطاع من قطاعات الدولة يسخر منه ومن أدائه وخدماته وما زلنا في حكاية القط والفار دون حل جذري يتناول أسباب هذا الخلل بدلاً من معالجة إعراضه.
لنعود مرة أخرى لنتحدث عن موضوع المنصب ونظرة المُنصب للمنصب فالمعادلة عند السواد الأعظم أن المنصب تشريف وأنه نوع من الثقة الممنوحة للشخص وأنه يأمل من الله أن يكون محل ثقة من نصبه وينشغل هو ووسائل الأعلام بالحديث عن التشريف والثقة لدرجة الملل وهنا أصبح مهيئاً نفسياً واجتماعياً لتأكيد هذا المعتقد الخاطئ عن المنصب وبالتالي سيمارس سلوكيات لا تخرج عن إطار ذلك المعتقد والناتج الفعلي لإدائه وأداء وزارته أو إدارته لن تخرج عن ذلك الإطار بل سيكون هنالك هرم إداري مبني على ذلك المعتقد.
هناك خطأ هيكلي وطبخة تشرف عليها وزارة الخدمة المدنية بقناعة فأغلب أصحاب المناصب لا تتفق خبراتهم ومؤهلاتهم وسمات شخصياتهم مع طبيعة عملهم القيادي وهناك مسمى في الهياكل التنظيمية وأيضا وصف وظيفي لكل منصب قيادي ابتداء من الوزير إلى الغفير ولكن لا يوجد ما يوازيه من المؤهلات السالفة الذكر فيتم الترشيح أو التكليف لكل حسب من غلب.
الغالبية العظمى من المناصب القيادية لا تميز بين الغث والسمين وبين المنتج وغير المنتج وبين المطور وغير المطور وبين صاحب المشروع ومن لا مشروع له وبين التنفيذي وبين من يعجن عجين الفلاحة ... الخ من المتغيرات وفي الوقت نفسه صاحب المنصب القيادي المؤهل للمنصب والذي يراه تكليف وفرصة يتشرف بها لخدمة الناس ولديه رؤية ورسالة وهدف ومشروع واضح تجده مأكولا مذموما على الأقل ومصاب بأحد أمراض العصر من التوتر والضغوط’ لا يتمتع بأي ميزة مادية لطبيعة عمله القيادي أو أمان وظيفي أو قانون يحميه, ويتلاعبون به من الكبير إلى الصغير على "كيفهم" وحسب مزاجهم دون رقيب أو محاسبة أو حفاظ على حقوقه كإنسان ومواطن يريد أن يقدم شيء لبلده بل يتنافس المتنافسون على ألا يمارس مواطنته بإدخاله في دوامة من الصراعات والشائعات وبشخطة قلم ودون احترام له وأخذ رأيه وتقديراً لتاريخه وإنجازاته يمسي ولا يصبح إلا وهومهمش في مكان دون اختياره.
في ظل تلك الخسائر أعتقد بأنه يجب أن نتوقع أن نظامنا الإداري نظام طارد ومحبط وغير محفز للكفاءات وأصحاب الأهداف والمشاريع ومستقطب لمن يتشرفون ويشرفهم الكرسي والمنصب وتطربهم نغمات المعالي والسعادة.
www.aleqt.com/2007/08/25/article_9801.html
|
خدمات المحتوى
|
د. عبدالله الحريري
تقييم
|