المقالات
مقالات د. عبدالله الحريري
على محبين قلبي عندما ودعوه
على محبين قلبي عندما ودعوه
12-30-2011 05:19




أعزائي .. استعرضنا الأسبوع الماضي بشكل مختصر سلوكيات العمالة الوافدة وغير النظامية، وبعض مَن يحملون إقامات من خلال نافذة بناء البيت، وعندما نأخذ الموضوع من خلال المسكن فإن ذلك رمز لما يمثله المنزل من شعور بالأمان والاستقرار النفسي والاجتماعي والعلاقة بالأرض، إضافة إلى أن المنزل هو مؤشر ونتيجة لتحويشة العمر، وعادة ما يقرن الزواج بالمنزل كونهما من أساسيات تحقيق تقدير الذات، وإشباع الحاجات الأساسية، وإذا تعرض الإنسان للضغوط من أجل أن يحصل على منزل، فإن النتيجة دون شك ستكون الكثير من الصراعات النفسية والاجتماعية، وعندما يملك أحدنا المال بشتى طرق التمويل، ويعجز عن تنفيذ مسكنه أو يتعرض للمزيد من أدوات وأساليب النصب والاحتيال من أجل امتصاص السيولة المحدودة لديه في ظل تضخم غير منطقي لسوق العقار، فماذا نتوقع منه كمواطن، هل نتوقع منه أن يكون صافي الذهن، مستقرا نفسيا واجتماعيا؟ وهل يستطيع أن يبني أسرة سليمة يعيشون حياة كريمة ويتفرغون لبناء البلد والمزيد من الإبداع؟ ماذا نتوقع من شخص في بلد يتمتع بالموارد والمساحات الشاسعة من الأراضي ثم إذا حاول أن يمسك بأول خيط للاستقرار في منزل بعيدا عن سماسرة العقار الذين ينتظرونه كل آخر شهر أو سنة ليسدد الإيجار وإلا فإن مصيره إلى الشارع وبقوة النظام، وفي الوقت نفسه نجد أنه مع فرحته بفلوس صندوق التنمية العقاري، إلا أنها بدل أن تكون فرحة أصبحت غما في ظل المضاربات الحاصلة في سوق البناء والتشييد، والتضخم المفتعل الذي تقوده العمالة وتجار التجزئة وبسطات مواد البناء التي لا ترى فيها سعوديا واحدا تتكلم معه، وعندما تعود إلى الصندوق وتشتكي لهم معاناتك، وتتوقع منهم الحلول تجد أمامك مؤسسة حكومية بيروقراطية مثل ما شاهدناها عندما أسست، نجدها كما كانت عبارة عن جهاز مالي تقليدي يقدم لك القرض بعد سنوات من الانتظار والمعاناة ويضعونه في خزنة، ويعطونك الخزنة، ولكن المفتاح بيدهم.
المهم نرجع لأصحابنا مقاولي الغفلة وتجار المباسط والتجارة على ظهور السيارات، أغلبهم، كما ذكرت، عمالة وافدة غير نظامية أو عامل بإقامة ويأوي ويدير ويستغل مئات من العمالة غير النظامية، النتيجة بالإضافة إلى تحطيم حلم الناس في بناء منازل خاصة بهم، ولأن الوقت بالنسبة لهم كالسيف فلا بد أن يستغل اليوم بكامله جزء للعمل وآخر لتزوير الوثائق وصناعة الخمور، وإدارة بيوت الدعارة، وترويج المخدرات، وما تبقى من الوقت وهو ذاهب للنوم يأخذ معه كم لفة سلك من أقرب عمارة وبعض أغطية غرف الصرف الصحي، وما يمنع أن ينط على أقرب بيت وينظفه. وهكذا فالوقت من ذهب والبلد ذهب، وإذا أحس بالخطر فيعرف الطريق للعودة على حساب الدولة، وزين إذا (لحقته) على سلم الطائرة حتى تقول على محبين قلبي عندما ودعوه.

تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 310


خدمات المحتوى


د. عبدالله الحريري
د. عبدالله الحريري

تقييم
1.00/10 (15 صوت)

Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.