غشيم ومتعافي
12-30-2011 06:29




شوارعنا مليئة بالغشمان المتعافين وهذا مصطلح يطلقه العامة للشخص الذي تبدو عليه سمات بدنية معينة أو تبدو عليه علامات عافية الجسم والمقصود بها هنا زيادة الوزن، ويصبح منتفخا لدرجة أنه يحتار في نفسه، وبالمقابل غشيم إما إنه أول مرة يقود السيارة أو إنه فاهم الأنظمة بالغلط، ويحسب أن العُرف في الشارع هو النظام، ويقود السيارة وكأنه يقود قاربا في محيط، مرة يلف بسيارة صغيرة وكأنه يلف بنزلة ويسقط على الناس ويقف فجأة على كيفه، وكأنه في رالي صحراوي، وطبعاً أعان الله من في السيارة فأيديهم على قلوبهم.
هذا في الشارع، والمقصودون معرفون أبعدهم الله عن شوارعنا، ولكن الغشمان المتعافين نتعايش معهم، رضينا أم أبينا في كل مكان وقد اعتدنا عليهم، وكالعادة أذهب يوم الجمعة لشراء احتياجات البيت الأسبوعية، وعندما انتهيت من الشراء، وذهبت "للكاشير" وبدأت في إفراغ العربية من المشتريات، وإذا بأحد الإخوان الذي تبدو على ملامحه علامات التقى والورع ضخم الجثة عريض المنكبين، كما يقول عادل إمام ينقض على المحاسب، ويقول له أنت أنت .. خلصنا وخذ الحساب لا تعطلنا، قال له المحاسب: يا أخي "أمسك سرى" أنا أحاسب الرجل الذي أمامي أتى قبلك ويا ليته ما قال الذي قاله، وإذا به يرمي الفلوس في وجه المحاسب وانسحب وكأنه طائرة إف 15 عندما تجنح عن السرب للمناورة .. وقلت وأنا أتمتم الله السلامة اللي نجانا من عاصفة صحرائه.
ومن الغشمان المتعافين أصناف وأنواع كأغنياء الطفرات والصفقات والأزمات الذين لم تتحمل قدراتهم العقلية وصفاتهم الشخصية الصدمة المالية، وأيضا من يتربعون على مناصب، وهبت لهم دون جدارة مثل الديك اللي تلبس منقاره بحديد تصور ماذا يعمل في الدجاج وغير الدجاج؟ وخاصة عندما تكون الدجاج "صُقع" تعاني قلة الوعي أو القدرة على ممارسة أدنى حقوقها في الحياة.
الزبدة كما يقال تدور حول الحقوق والوعي بالحقوق ففي ظل أفراد يعانون عبر زمن من وعيهم بحقوقهم، وعدم إيمان بحقوق الغير، بل بعضهم ليس لديه الثقة بحقوقه، ومنهم من ينكرها على نفسه، في ظل تلك الأمور فإن ما نخشاه كمختصين في السلوك أن ينتقل مفهوم الثقافة الحقوقية، التي تسعى جاهدة جمعيات حقوق الإنسان لفرضها كواقع إلى نوع من العدوان ضد الغير ممن نختلف معهم للإطاحة بهم بمسمى حقوق الإنسان، ونتفرغ وتتفرغ المؤسسات الحقوقية للشكاوى ومنها الكيدية.
الحقيقة أن الإيمان بالحقوق وتأكيد الذات هو في آخر المطاف مهارات تهدف للتواصل الإيجابي بين الناس، وحل مشكلاتهم في إطارهم الأسري والاجتماعي ثم إن التوكيدية ـ وهي جوهر العملية ـ إيمان الإنسان بالحقوق وعملية تدرجية يتعلمها الإنسان منذ طفولته من أمه وأبيه لتتأصل في سلوكه وفكره، وألا يصبح الناس غشمان ومتعافين.

www.aleqt.com/2008/06/16/article_12684.html

تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 480


خدمات المحتوى


د. عبدالله الحريري
د. عبدالله الحريري

تقييم
1.00/10 (15 صوت)

Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.