فلاسفة المدينة الفاضلة
12-30-2011 06:33
في بلدنا كل وزير أو محافظ أو مدير عام لا يرتاح حتى يصدر القرارات تلو القرارات تجاه مؤسسات المجتمع والأفراد رامياً بعرض الحائط دور رأي المؤسسات التشريعية كمجلس الشورى أو هيئة الخبراء بمجلس الوزراء وآراء مؤسسات المجتمع المدني وكأن أحدا يطرد وراءه .
بعض الوزارات والمؤسسات الحكومية ضربت الرقم القياسي في إصدار اللوائح والتعاميم التي لا تقبل النقاش وتقدم الجزرة بيد والعصا باليد الأخرى ويا ويل ويا سواد ليل من يسير عكس التيار لأن العصا في انتظاره وسيكون عبرة لمن لم يعتبر .
في الحقيقة لا أحد يرفض التنظيم والأنظمة ولا أحد يريد أن تسير البلد من دون تطوير مستمر للأنظمة واللوائح ولكن إذا أردنا أن تكون مؤسساتنا التنفيذية ذات طابع مؤسساتي دستوري يجب أن نحترم رأى المؤسسات التشريعية وأخذ رأى الخبراء وأصحاب الشأن ولا نفرض على الناس قوانين بقوة نظام الدولة ، ويصبح الناس أول من يطيح بتلك الأنظمة ويحاولون اختراقها وتصبح الوزارة أو أي مؤسسة في الدولة في حالة دفاع عن قراراتها ودائماً في صراع مع الناس .
لماذا لا نختصر الزمن ونحترم المنتفعين والمتضررين من أي قرار عن طريق الدراسات والأبحاث واستطلاعات الرأي والرجوع إلى المؤسسات التشريعية لضمان تعاون الناس وقناعتهم بالأنظمة واللوائح وتعليمهم أساليب القرارات التشاورية أو الديمقراطية .
لماذا دائماً تلجأ مؤسسات الدولة في الغالب إلى استخدام العصا لإقناع الناس باللوائح والأنظمة وهل المسألة مرتبطة بالذاتية والشخصانية لمن يقومون على إدارات تلك المؤسسات بحيث بدأت تلك المؤسسات تتحكم فيها القرارات الفردية ؟ والدليل على ذلك التخبط أن المستفيدين من سريان تلك اللوائح أو القرارات يجلسون سنة أو سنوات وغالبيتهم يجهل أو لا يفهم تلك اللوائح والقرارات ما يجعل تلك المؤسسات تلجأ إلى القرارات التفسيرية والتوضيحية واستخدام العصا طوال الوقت .. أليس هذا مدعاة للتساؤل حول هشاشة البنية التحتية وطريق صنع تلك القرارات .
لماذا المواطن السعودي يمدح ويلتزم ويحترم القوانين خارج البلد وينتقد ولا يلتزم ويلف ويدور عليها في بلده ؟ هل المشكلة في الأشخاص أم في تلك اللوائح والأنظمة ؟ أكيد في شئ ما هو طبيعي أو غلط في التركيبة المعرفية لأحدهم .
ملك مملكة الإنسانية همة ومشروعة التسهيل على الناس وخدمتهم وأخذ رأيهم والحوار معهم ودعمهم وأصبح الناس يلجؤون له من كثرة القرارات غير المدروسة والتعسفية وغير الدستورية ، وأصبح الملك يكرس أغلب جهده في حل أخطاء وتجاوزات تلك المؤسسات ومن يقومون عليها فهل هذه ظاهرة صحية ؟ ولماذا دائماً تدفع تلك المؤسسات المواطن إلى اللجو إلى ولاة الأمر ؟ ولماذا المواطن في ذهن القائم على تلك المؤسسات ومحكوم غيابياً بأنه متلاعب وغير ناضج ويجب تأديبه باللوائح والأنظمة ؟ لماذا أزمة الثقة والنظرة السلبية والشكوك الصانعة لتلك القرارات والأنظمة ؟ وهل تعتقد تلك المؤسسات أنها ستعمل في بلد من دون مواطنين أو روح المواطنة ؟ وهل وصل بنا الحال للخروج من الواقع والمنطق والعقلانية لمرحلة الفلسفة والشعارات وحلم المدينة الفاضلة؟!!
www.aleqt.com/2007/02/03/article_7794.html
|
خدمات المحتوى
|
د. عبدالله الحريري
تقييم
|