إدارة تضييع الوقت!
12-28-2011 05:51
د. عبد الله الحريري
عندما نتحدث عن موضوع الإدارة لدينا فإنه موضوع لا تعرف أوله من آخره، نتيجة للممارسات السلوكية التي تحدث تحت اسم الإدارة والوظيفة. في الأصل الحياة إدارة فإذا الإنسان لم يحسن إدارة حياته سيكون إنسانا بدائيا تقوده الحاجة والغريزة للحياة ويفقد أبجديات سلم التطور والتقدم.
هناك علاقة وثيقة بين إدارتنا لحياتنا وبين إدارتنا للشؤون العامة، فكل منهما يؤثر في الآخر، لذلك نجد أن أسلوبنا في إدارة الأعمال لا يختلف عن إدارة بقية حياتنا، وعادة ما نخلط بينها، بل نجعل إدارة الشأن العام كأنها إدارة بيت، وكذلك العلاقات في الحياة الخاصة تلعب الدور نفسه في الحياة العامة، لذلك الواسطة المرتبطة بالأسرة والقبيلة والعشيرة هي سمة من سمات إدارة الشأن العام.
اليوم كل النظريات والأفكار والخبرات والشهادات في علم الإدارة تسقط عندما تلامس الواقع، وأغلب مشكلاتنا وإخفاقاتنا وتدني مستوى إنتاجيتنا مرتبطة بهذه الإخفاقات، فنجد مؤسسات متضخمة بالمديرين والموظفين والإمكانات المادية والميزانيات السنوية الضخمة، وبالمقابل لا يوازي ذلك إنتاجية واضحة بل متفاوتة وغير قابلة للتقييم أو التقويم، وكل واحد يعمل برأيه وعلى كيفه بعيدا عن روح الفريق.
الكثير من مؤسساتنا سواء عامة أو خاصة تبدأ بفكرة وأهداف ورؤية واضحة ونتوقع منها الكثير ولكنها ما إن تبدأ في العمل تبدأ ملامح التدهور لديها، ومع الوقت إما أن تفلس وتفرغ من محتواها وتصبح مؤسسات محسوبة على المجتمع ولكنها من ورق.
إذاً لماذا يحدث هذا بشكل واضح وملموس لدينا؟ ولماذا هناك عدم رضا من المديرين والعاملين والمجتمع على أداء كل منهم للآخر؟ ولماذا تكثر الصراعات والسلوكيات والمصالح الشخصية داخل مؤسساتنا؟ ولماذا تقل الإنتاجية وتكون هناك رغبة التسويف وعدم التنظيم وكثرة التجاوزات والإهمال وعدم وضوح الرؤية والرسالة لهذه المؤسسات؟
لماذا يشعر الموظف بأنه مكره على أداء العمل كما كان يشعر بالإكراه من الدراسة ويحاول الهروب بالغياب والأعذار التي تبرز غيابه وتأخره وتراخيه؟ ويداوم خلال الأسبوع وهو منهك من السهر، ودائما ما يقارن نفسه بالأسوأ إنتاجية والتزاما؟
الدكتور عبد الله العمرو في كتابه (يمكنك أن تكون مديرا) ، ومن واقع تجربة لاحظ أن أهم خطوة هي اختيار الموظف ولا بد أن تكون على قاعدة أبجدية تبدأ بالسلوكيات ثم الخلفية العملية ثم مهارات التواصل ثم القدرة على الإنجاز وأخيرا الطاقة، وقد أضيفت لها الخلفية العلمية والثقافية. ولكن هل تنجح هذه القاعدة؟ وهل ينجح أي مدير عندما تكون القاعدة الأخرى المسيطرة هي عبارة عن سلوكيات تكرس مبدأ الوظيفة والإدارة بأنها راتب ومكانة اجتماعية وسلطة وتشريف وفرصة للأخذ وسيطرة الرأي الأوحد مقابل العمل قيمة ومسؤولية ودور اجتماعي وبناء وتقدم وتطور ومساهمة وعطاء وأجر وثواب، وتكليف ومشاركة ونجاح وتحقيق للذات.
أعتقد أننا قد ضيعنا ونضيع وقتنا في دراسة الإدارة ونظرياتها وجربنا وأحبطنا لأننا تناولنا الإدارة كمكون مستقل نظريا غير مرتبط بالثقافة كونه نجح في مجتمعات أخرى، وأنه يمكن أن يحدث تغييرا في مفاهيم وسلوكيات مواطنينا دون أن ندرس محتوى ومفاهيم وسلوكيات الفرد في مجتمعنا لنتوصل إلى وصفة واقعية ترسم سياسة العمل الإداري والوظيفي من الناحية المعرفية والسلوكية والاجتماعية والاقتصادية.
|
خدمات المحتوى
|
د. عبدالله الحريري
تقييم
|