كيف نكرم الميت؟!!
12-30-2011 07:33
من الأمور المحزنة المؤسفة في الوقت نفسه أن يجد المرء صعوبة بالغة في الحصول على قبر لأحد أقاربه أو حتى سيارة لنقل جثمان المتوفى. وقد سمعنا عدة قصص في هذا السياق مختلفة السيناريو لكنها متحدة في جزئية واحدة مهمة وهي العناء والمشقة لأسرة المتوفى التي تبدأ منذ الوفاة مرورا بالدفن. والأمثلة والشواهد عديدة في هذا السياق لعل منها عند وفاة الإنسان في منزله ثم لا يجد ذووه سيارة مخصصة لنقله، فإذا تم استدعاء سيارة الإسعاف يعتذر لهم كونها مخصصة لنقل الحالات الطارئة الإسعافية فقط، وهذا صحيح فحالات الوفاة والتعامل معها خارج عن اختصاصهم. وفي مواقف أخرى قد تجد السيارة لكنك لن تجد القبر لدفنه، فأغلب المقابر قد اكتظت بالميتين. وهذه حقيقة يعرفها كل من مر بهذه التجربة الحزينة. ولولا فزعة الناس في مثل هذه المواقف لسمعنا مزيدا من القصص التي يندى لها الجبين، ولعل قصة المواطن الذي توفيت زوجته وهو في رحلة برية إلى المنطقة الشرقية مع أطفاله، فلم يجد وسيلة لنقل جثمانها والعودة بها إلى الرياض إلا نقلها في سيارته، والسفر بها لمسافة أكثر من 300 كيلو متر، مع أطفاله خير دليل على وجود خلل في هذا الجانب. ولن أنسى مشاهدتي سيارة داتسون كان مسجى فيها امرأة متوفاة اضطر ذووها لنقلها إلى المقبرة بهذه الوسيلة بعد أن تم الاعتذار لهم بأن سيارة نقل الموتى مشغولة، وليس في هذا غرابة رغم ما يعتريك من ألم وحزن، فقد توسعت المدن وكثر الناس ولم يواكب هذا تنظيم وتوسع في تقديم الخدمة، ولم تتم زيادة سيارات نقل الموتى بحيث تتناسب مع الزيادة السكانية وبالتالي زيادة أعداد المتوفين ـ رحمهم الله. لذا من غير المستغرب أن يكون هناك ضغط وزحام وبالتالي تأخير في دفن الميت، وهذا يتعارض مع الهدي النبوي الشريف الذي حث على سرعة دفن الميت.
ومما يلفت الانتباه في هذا السياق عدم الاهتمام بمعالجة هذا الموضوع، فالحلول الحالية والإجراءات التي تتم في حالة الوفاة من إخراج شهادة الوفاة مرورا بالغسل فالتكفين حتى الدفن سلسلة طويلة لا يعرف إجراءاتها معظم الناس، كذلك فإن أسرة المتوفى تعاني فداحة الخسارة والحزن، وقد تكون في حالة نفسية بالغة لا تسمح لها بالأخذ والعطاء والسؤال هنا وهناك، لذا فإنني أقترح إنشاء مؤسسات خيرية واستثمارية تكون لديها إمكانيات النقل وتجهيز المتوفى وتوفير القبر ومن ثم دفنه، وتحصل على الدعم والمساعدة من البلديات المعنية أو أمانات المدن، في عدة جوانب منها توفير أراض كبيرة لتكون مقابر ووضع كافة الخدمات فيها من مغاسل وسيارات وتسويرها والعناية بها، كما يحدث في جميع دول العالم.
والذي أشير له أن ينتقل موضوع الوفاة والدفن، من فزعة ومساعدة يقوم بها الخيرون ـ كثر الله من أمثالهم ـ إلى عمل مؤسساتي أكثر تنظيما وفيه إكرام للمتوفى ومساعدة فعلية واضحة لذويه.
www.aleqt.com/2010/11/01/article_463552.html
|
خدمات المحتوى
|
د. عبدالله الحريري
تقييم
|