كيف يحترموننا؟
12-30-2011 07:36
أعتقد أنه سيكون هناك سباق محموم بين التجار والمستهلكين على موضوع ارتفاع الأسعار؛ لأن هناك مفهوما مترسخا لدى البائعين يتركز حول الكسب السريع واستغلال المواقف والأحداث والأزمات.
وعلى ضوء ذلك فإن تجار الأزمات لن يردعهم سوى القانون، ولن تنفع معهم النصائح والدعوات وحثهم على ممارسة المواطنة الصالحة؛ فـهم أمام أعينهم هدف محدد وهو الربح السريع والمرتفع في أقل وقت ممكن و»بعدين يحلها حلال».
اليوم اختلط الحابل بالنابل فلا نستطيع التمييز بين التاجر الحقيقي والبياع المتستر، والوافدين المسيطرين على السوق، وخاصة تجارة التجزئة والذين أغلبهم لا يملكون أي إطار قانوني لممارسة البيع ومع ذلك يتحدون المجتمع والسلطات في وضح النهار ويحاولون قدر الإمكان كسب الوقت والظروف ورفاهية المواطن؛ لأنهم بياعو فرص وليس لهم علاقة بالتجارة لا من قريب أو بعيد، وليس لهم علاقة بالمواطنة.
أعتقد أنه لا بد على المستهلك أن يلعب دورا ضاغطا على أولئك بالامتناع عن الشراء منهم أو شراء الأشياء الضرورية، خاصة وقت الأزمات أو توافر السيولة في البلد؛ فسياسة المقاطعة من إحدى السياسات التجارية المهمة والفاعلة.
وفي الوقت نفسه لا بد على المستهلك أن يمارس دور الرقابة بالتعبير عن عدم رضاه عن السعر وعن ممارسة التستر ومخالفة القانون بصفة عامة، فلو أن غالبية المواطنين قاموا بمثل هذه السلوكيات الضاغطة والانتقادات الإيجابية نحو الالتزام بالقانون لأصبح كل إنسان في هذا البلد يحترم المواطن ويحترم ما يقدمه له وبجودة عالية.
المستهلك هو حجر الزاوية فلن يكون هناك بيع أو شراء من دونه، ولن تستطيع الدولة السيطرة على كل صغيرة وكبيرة، ولن يستطيع أي بائع السيطرة على السوق ورفع نسب التضخم على كيفه، ولن يكون هناك تجارة من دون مستهلك؛ فهو نقطة القوة في كل الأحوال وعلى مؤسسات الدولة الرقابية أن توظف المواطن لكي يكون الرقيب الأول من خلال برامج تطوعية وقنوات جادة للاتصال والتفاعل.
ليس من المنطق أن نطلب من المواطن أن يبلغ عن المخالفات ولا يجد من يرد على اتصاله، وفي أحيان يجد من يستهتر باتصاله، وليس من المنطق أن نزج بأعداد المراقبين ذوي الأجور المتدنية ونغفل دور المجتمع ووعيه في التصدي لمثل هذه التجاوزات واعتبار ما يقوم به المواطن من سلوكيات إيجابية شيئا عظيما يشكر عليه بدلا من إهمال دوره، وعدم - على الأقل - إخباره بأن ما بلغ عنه في طور الإجراءات، وأن يرى ذلك على أرض الواقع؛ فأصعب شيء على الإنسان أن تطلب منه القيام بدور إيجابي ثم تهمله، فهذا يؤدي به إلى الإحباط، ثم الإهمال وعدم الشراكة.
www.aleqt.com/2011/04/11/article_525378.html
|
خدمات المحتوى
|
د. عبدالله الحريري
تقييم
|