المقالات
مقالات د. عبدالله الحريري
كيف يكون الرهاب من الناس؟
كيف يكون الرهاب من الناس؟
12-30-2011 07:37



الناس يطلقون على الشخص الذي يتجنب لقاء الآخرين أو التحدث أمامهم وتظهر عليه علامات احمرار الوجه والتلعثم أنه خجول وهو ما نطلق عليه علميا الرهاب الاجتماعي أو القلق الاجتماعي وقد يدفع الأشخاص إلى تناول بعض المخدرات من أجل أن يكونوا أكثر جرأة وأيضا قد يحول دون استغلال الكثير من الأشخاص لقدراتهم والتعبير عن أفكارهم بسبب محاولتهم تجنب المواقف الاجتماعية.
هذا الاضطراب من أهم اضطرابات القلق شيوعا وقد أشارت كثير من الدراسات المسحية إلى أنه يحتل المرتبة الثانية من حيث الشيوع والانتشار, وهناك بعض الدراسات المحدودة المحلية التي أكدت أن نسبة انتشاره في السعودية ما بين 13 إلى 25 في المائة وقد يؤدي بكثير من الأشخاص إلى الدخول في اضطرابات أخرى كالاكتئاب ورهاب الأماكن المفتوحة واستخدام المواد المهدئة والمخدرة واستعمال الكحول بشكل مستمر.
عندما درست هذا المرض بعمق من جوانب أخرى غير الجوانب التقليدية وجدت أن من أهم بناء هذا المرض لدى الأشخاص طبيعة الصور الذهنية لديهم, والطريقة التي يلاحظون ويقيمون أنفهسم بها, فمن يعاني هذه المشكلة يميل إلى توقع النقد من قبل الآخرين بشكل سلبي, وأن أداءه لن يصل إلى ما يتوقعه الآخرون وهو ما يجعله يشك في قدراته على الرغم من أن قدراته قد تكون متوسطة أو أعلى من المتوسطة, وفي ضوء ذلك فهو يرى الحياة الاجتماعية في صورة تنافسية على حساب التعاون والتآذر, ويتوقع فقط النقد من الآخرين ولكنه يميل أيضا إلى ملاحظة الآخرين وانتقادهم.
وفي الوقت نفسه نجد أن من يعاني هذا الاضطراب يعتقد أنه يتصرف بطريقة غير ماهرة وسيئة وأن ذلك سيؤدي إلى نتائج سلبية مثل النبذ وفقدان المكانة الاجتماعية, ويعتقد أن أعراض القلق الظاهرة كزيادة ضربات القلب والتعرق وغيرها إنما هي انعكاس سلبي لضعفه وعجزه لذلك فعادة ما يظلم نفسه في تقدير مهاراته الاجتماعية مقارنة بمن يلاحظه, واتضح أيضا أن الشخص الذي يعاني الرهاب الاجتماعي يعاني مشكلة معالجة المعلومات والتحيز لمواقف دون أخرى لذا فهو شديد الانتباه للمعلومات التي تمثل تهديدا اجتماعيا والتي لها صلة بالخوف, كما أنه يبالغ في حواره الداخلي مع نفسه ويتجه بتطرف إلى السلبية في الحوار ونقد نفسه, ومن أهم الأمور أن الشخص تتكون لديه خيالات يرى نفسه كما لو أن الآخرين ينظرون إليه من وجهة نظرهم, فإذا ظهرت عليه الأعراض الجسدية يتخيل نفسه مكان الآخرين ويبدأ في تقييم نفسه نيابة عنهم بشكل سلبي.
ومن هذا المنطلق فإن المعالجات التقليدية لهذا الاضطراب المنتشر بين الناس تتطلب معالجة الصور الذهنية وتقييم الذات وطبيعة الخيالات السلبية تجاه الأحداث والمواقف الاجتماعية.

www.aleqt.com/2009/07/06/article_248539.html

تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 406


خدمات المحتوى


د. عبدالله الحريري
د. عبدالله الحريري

تقييم
1.00/10 (16 صوت)

Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.