لماذا هربت السعادة؟
12-30-2011 07:59
ينتاب الكثير من الأفراد مشاعر وانفعالات مختلفة ما بين الخوف غير المعروفة أسبابه ومؤثراته، الذي يطلق عليه القلق العام وبين مشاعر الإحباط وعدم الرغبة في القيام بالنشاطات الحياتية إلى سيطرة الأفكار الكارثية والأفكار التي تدور حول أمور سلبية غير مفرحة.
وعندما تسيطر تلك الأمور على الإنسان لا يدور في ذهنه إلا الأمور التي تذكره بالموت والمرض، والخوف من المستقبل المجهول بالنسبة له، وأيضا التمركز حول القضايا غير الإيجابية بمجموعة من الأعراض كصعوبات النوم وزيادة ضربات القلب والصداع وآلام الظهر والمعدة.. إلخ، من الأعراض المزعجة التي تجعله يزداد خوفا وإحباطا.
إذاً، لماذا يصل الإنسان إلى ذلك التدهور والاختلاف، علما أن أغلب مخاوفه حول القضايا المسلم بها قاعدة ليست جديدة ومعروفة ولا يملك الإنسان التبنؤ بها كما أن السلبيات وضغوط الحياة وآلامها وهمومها أيضا ليست جديدة أو محصورة عليه وهي متوقعة في كل وقت وزمان ومكان، ولماذا يتمحور حول القضايا غير المفرحة والسعيدة، ولماذا يركز عليها ويضخمها؟
ولماذا ينشغل الإنسان بها ويدور معها في حلقة مفرغة ويجعل بعضها كوارث والبعض الآخر أمورا توضع في خانة المستحيلات، وأنه لا يمكن حلها أو تجاوزها على الأقل؟ لماذا نخاف دون مبرر منطقي وعقلاني ونبالغ في المخاوف وننقلها لمن حولنا؟ ولماذا دائما نتوقع الأشياء غير السعيدة ونربط بينها وبين الأحداث والأيام والمواقف؟ ولماذا دائما نحن في حالة من الاستنفار الداخلي لمشاعرنا وعواطفنا ونتوقع الأسوأ؟
ولماذا نحسب للأمور حسابات سلبية وخائفة لدرجة التنبؤ ثم الإصرار والإيمان بالنتائج لأمور لم نفعلها، بل مجرد أن فكرنا فيها بتوقعات سلبية، ما يجعلنا نحجم عن أي نشاطات حياتية مهمة، وأن يكون لنا أدوار إنسانية واجتماعية طبيعية؟
لماذا نأول ونفسر السلوكيات والعبارات والأفكار بطريقة غير عقلانية ومنطقية، ونبالغ كثيرا في الدقة والحساسية والشك والغيرة، لدرجة المرض والإحباط وإيذاء الآخرين ثم الانفصال عنهم وعدم التفاعل وانقطاع أواصر المودة والرحمة والحوار البناء؟
أريد منكم الإجابة عن كل تلك التساؤلات بطريقة استرخائية، فمن خلال عملي في العلاج النفسي اتضح لي أن المبالغة في استبصار الإنسان بالأمور السلبية في الحياة ومحاولته البحث فيها والتمركز حولها قد يؤدي به إلى عدم التوازن المعرفي ما بين الأمور السلبية والإيجابية في الحياة، كما أن عدم إيماننا بإعداد أهداف محددة لمسيرة ونشاطات حياتنا تجعلنا لا نعرف ما نريد ونعيش حالة من التوهان ونستعيض عن الأهداف الواضحة المحددة بأطر زمانية ومكانية واستعدادات وإمكانات قابلة للتطبيق بأمور عبارة عن شعارات وتمنيات ليس لها أرضية يمكن تفعيلها علينا، وعندما نؤجل أو نمنع أنفسنا عن ممارسة حاجاتنا الإنسانية بالطرق المشروعة ونهملها سنعاني أيضا تقديرنا لذاتنا، وبالتالي سنكتئب ونقلق ونخاف دون مبرر وعندما ندرك الإجابات لتلك الأمور سنعرف لماذا نكتئب ونقلق، وأخيرا فإن السعادة هي البحث عن السعادة.
www.aleqt.com/2008/09/29/article_13740.html
|
خدمات المحتوى
|
د. عبدالله الحريري
تقييم
|