المقالات
مقالات د. عبدالله الحريري
متلازمة التحول والرحيل
متلازمة التحول والرحيل
12-31-2011 06:04




من سنن الحياة وقوانين الكون والطبيعة أن الأشياء لا تتسم بالثبات بل التغير والتحول والرحيل فهناك ليل ونهار وحياة وموت وتحول من مادة إلى مادة أخرى ، وهكذا فبقاء الحال من المحال إلا أن يشاء الله.
والتاريخ أيضاً يمر بمراحل من الرحيل والتحول لمن تحب ولمن تكره ولم نستطع يوماً ما أن نحدث كبشر عكس هذا القانون الإلهي، فقد رحل الحبيب المصطفى عليه أفضل الصلاة والتسليم إلى الرفيق الأعلى ونحن نحبه ولم تبق إلا سيرته النبوية، ورحل عن البشر أشرسهم وأعتاهم ومن قتل وسفك الدماء على مر التاريخ ولم يبق إلا سيرتهم في الكتب ولم يملكوا أن يعيدوا الحياة لأنفسهم، وهكذا التدرج في الحياة فالحياة عبارة عن هرم نصعده حتى إذا وصلنا قمته فما نلبث أن ننزل ونعود للقاعدة، وهناك في الأثر ما يقال: (كن مهذباً مع الآخرين وأنت تصعد القمة فستلتقي بهم وأنت هابط).
والإنسان يعيش الكثير من متطلبات الحياة المتناقضة فيريد أن يسرع به الزمن وينتهي من دراسته في أقرب وقت ويمل ويصبح الوقت مملا وثقيلا ثم إذا حصل على الشهادة وتوظف وقرب من التقاعد أصبح يكره الزمن لسرعته وبوده لو أن الأسبوع يكون شهراً، وعلى مستوى الجمال والصحة نجده يريد أن يقفز من الولادة إلى الشباب، دون المرور بمراحل النمو وعندما يجتاز مرحلة الشباب يخاف ويكتئب ويندم على شبابه ويتنهد ويتشبب ويحن للطفولة والمراهقة والشباب وهكذا كما ذكر في المقال السابق تكون معاناته مع الوظيفة ويعيش نفس الأفكار والتناقضات بالرغم من أن القاعدة في الوظيفة أنها لم تكن إلا ليفصل منها الموظف وليس هناك موظف أصبح موظفاً طوال حياته ولم يتقاعد اختيارياً أو إجبارياً ، وليس هناك قائداً أو رئيساً أو ملكاً أو وزيراً خُلِّدَ ولم يمت أو يتقاعد أو يُنحى أو يعزل، وهكذا يكون الواقع الذي يصعب على الإنسان تحمله، مع أن الإنسان يعلم أن كل شيء هو مسألة وقت إلا أنه يرفض ذلك الواقع له ولغيره، وقد متع الله الإنسان بآليات دفاعية لا شعورية تحميه من تحمل ذلك الواقع ابتداءً من الصدمة الأولى وهي رفض الواقع ثم قبوله بالتدريج إلى أن يصل لمرحلة التكيف مع ذلك الواقع ومنهم من يستمر على ذلك التكيف وآخرون يتجاوزونه إلى مرحلة التوافق والتطور.
ولو أن كل البشر اختصروا الزمن وآمنوا بحتمية هرم الحياة وتمتعوا بالصبر والواقعية والعقلانية للوصول إلى مرحلة من التقبل والتعايش مع أنفسهم ومع بعضهم بعضا لعاشوا سلوكاً ملائكياً ولا يصبح هناك حروب وصراعات وانقسامات وخوف وإرهاب ورعب ودكتاتوريات وقتلة واكتئاب، ولا خوف من التقاعد والفصل وترك الوظيفة، وأخيراً يمكن تعويض كل شيء إلا الإنسان وإنسانيته من الصعب تعويضهما.
www.aleqt.com/2007/04/07/article_8423.html

تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 376


خدمات المحتوى


د. عبدالله الحريري
د. عبدالله الحريري

تقييم
1.00/10 (19 صوت)

Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.