متلازمة مرض حمى الأسهم
12-31-2011 06:06
كون الاقتصاد في المملكة حراً ويتبنى سياسة المنافسة الحسنة والأخلاقية، فليس ذلك يعني الحرية المطلقة التي تنعكس سلباً على الاقتصاد من خلال ضرب الفعاليات الاجتماعية.
المجتمع يمر مع انتكاسة سوق الأسهم بشبه تعرضه لكارثة بيئية، مع الفوارق، فشريحة كبيرة من المجتمع، وأقصد بها ذوي الدخل المحدود ونتيجة لظروف عديدة كتحسين الدخل والرغبة في الثراء، وكما حدث في الطفرة السابقة والقفز على درجات السلم المنطقي والواقعي للحياة اختصاراً للوقت للوفاء بالالتزامات الأساسية كشراء بيت وسيارة فخمة وإشباع الرغبة نحو الكماليات والمقارنات بفلان وعلان الذي أصبح ثرياً بين يوم وليلة.. إلخ من المتغيرات التي تحكم تفكير المجتمع وسلوكه، اندفعوا بشكل أحمق، فأغلبهم استلف من البنوك وآخرون باعوا ما وراءهم وفرّطوا في مدخراتهم وبيوتهم وبدأت سلسلة المشاكل الصحية والنفسية والاجتماعية، وكان الخاسر هو المواطن واقتصاده ومقدراته.
الوعي لا يكفي بالإعلانات، ففي مجتمع وظروف مثل هذه الظروف غير الناضجة وأمام هوامير يحاولون الكسب وتصفية الحسابات واللعب بعقول الناس من خلال الشائعات المرسلة واستغلال حرية السوق وتمركزهم حول ذاتهم، لا بد من تدخل الدولة لحماية المجتمع وتكوين فرق عمل أشبه بفرق عمل الكوارث تنتهج أسلوب العمل المنظم تشاركهم نخبة من المتطوعين في علوم الاقتصاد والاجتماع والمال والنفس والصحة أولا للسيطرة على الآثار الحالية، ثم إيجاد الحلول القادمة. فمنذ أن بدأت حمّى الأسهم وهي أشبه بأي مرض وبائي وهي كالمقامرة تدخل الإنسان فيما يسمى اضطراب السلوك القهري، وهو اضطراب نفسي يدفع الإنسان إلى القيام بمجموعة من الاندفاعات السلوكية الحمقاء المترابطة لإزاحة القلق الحاد الذي يعاني منه وبآمال واهية، إضافة إلى ذلك الاضطراب زادت نسبة الصراعات داخل البيوت وقلت إنتاجية الناس بسبب تنشئتهم وكثرت الحوادث الناتجة عن النسيان المرتبط بالخوف والقلق وزادت نسبة الاكتئاب بأنواعه بسبب الإحباط المادي، وبدأت تظهر حالات من العنف والعدوان إلى جانب ما حدث لكثير من الناس من أزمات قلبية وجلطات والتعجيل في دخولهم إلى عالم السكر والضغط والأمراض المزمنة.. ومهما ذكرت من آثار جانبية لتلك الحمّى، من الصعب ذكرها في مقال.
السؤال بعد ذلك أين الدولة من كل تلك المصائب وهل تنتظر ما هو أسوأ من ذلك؟ أين حماية المستهلك والحماية المدنية بمفهومها الشامل؟ وهل تنتظر أن تمتلئ السجون والمحاكم بالناس وإلى متى نسمح بعصابات مصطلح "الهوامير وغير الناضجين انفعالياً واقتصادياً" تدير مشاعر وحاجات ومتطلبات وعواطف الناس؟
www.aleqt.com/2006/03/11/article_4582.html
|
خدمات المحتوى
|
د. عبدالله الحريري
تقييم
|