أزمة الأنا
12-28-2011 05:55
د. عبد الله الحريري
من اللافت للانتباه عند حديث العربي التكلم بلغة الآخر فمثلاً عندما يتحدث عن مشكلة معينة سواء خاصة أو عامة نجده يتحدث بلغة "نحن" أو "أنت" وكأن الشخص يتكلم عن شخص آخر وهو في الحقيقة يتكلم عن نفسه، حتى على مستوى اللقاءات التلفزيونية نجد أن الضيف عندما يجاوب بلغة أنت وليس الأنا أي هذا رأيي وأنا أريد أن أقول كذا وكذا وهذه الظاهرة أصبحت ملاحظة كثيرا في الأحاديث, خاصة الحساسة التي تأخذ طابعا اجتماعيا أو شخصيا.
وكما يبدو أن هنالك إشكالية في تأكيد الذات عند الغالبية من الناس من جراء ضغوط القيم الاجتماعية من عادات وتقاليد وأعراف أصبحت عادة فكرية قد لا يتميز بها شخص متعلم أو غير متعلم أو مثقف أو غير مثقف وأزمة تأكيد الذات تلك نابعة من فهم خاطئ بين الأنا كتوكيد للذات وبين الأنا المرتبطة بالأنانية والكِبر. ويعتقد البعض أنه عندما يعبر عن نفسه بلغة "أنا" أنها تعتبر تكبرا أو أنانية على مستوى مفهومه الشخصي بالدرجة الأولى ومفهوم المجتمع بصفة عامة مما يتطلب أن يتدرب الناس على مهارات تأكيد الذات وهو برنامج سلوكي معرفي يعزز عن الشخص تأكيده لذاته وبالتالي سينعكس على أحاديثه مع الآخرين وإذا ترك الإنسان نفسه فسيتعود على نكران ذاته ويقود ذلك إلى ضعف قدرته على تمتعه بالقدرة على التعبير الحر عن مشاعره وهمومه وآلامه وهو ما قد يجعله شخصية سلبية غير توكيدية .
مجرد ملاحظة:
أصبح الناس أكثر عطشاً هذه الأيام للإرشاد وتقنيات ومهارات العلاج النفسي غير الدوائي بأفرعه وتخصصاته المختلفة مع كثرة الموترات الحياتية في ظل ضعف شديد في المؤهلين والمؤسسات التي تقدم مثل تلك الخدمات والتركيز على جوانب صحية أخرى. ومن المتوقع أن تشهد المملكة خلال السنوات المقبلة الكثير من الظواهر السلوكية المرضية والمشكلات الاجتماعية التي تؤثر سلباً في الأمن الاجتماعي في حالة تجاهل مثل تلك المؤسسات ومن يعملون بها فليس صحياً التركيز على مستشفيات الصحة النفسية, التي تركز في غالبية خدماتها على اضطرابات معينة وتتطلب أن يذهب لها الشخص وهو في حالة شديدة من أعراض المرض النفسي ومضطر للذهاب بالرغم من الوصمة الاجتماعية, نحن نريد مؤسسات تلامس المجتمع ومكاتب للإرشاد النفسي والعلاج النفسي غير الدوائي في كل مؤسسة وسجن ومدرسة وجامعة وحي وتفعيل تخصصات علم النفس التي تزيد على 49 تخصصاً رئيسيا.
|
خدمات المحتوى
|
د. عبدالله الحريري
تقييم
|