مستشفى الملك فيصل .. التاريخ لا يترجل
12-31-2011 06:41
بمثل ما يُكرم البارزون الذين كان لهم دور في خدمة البلد وصنعوا التاريخ, فأعتقد أنه من الأولى أيضا الإشادة وتكريم المنشآت والأماكن التي كانت شاهده على التاريخ وقدمت خدمات جليلة ودربت وعلمت وأسعدت الكثير بشفائهم من المرض.
ذلك هو مثال مستشفى الملك فيصل في الطائف الذي يعد ثاني أقدم مستشفى في المملكة ويحمل اسم فيصل بن عبد العزيز ـ رحمه الله ـ القائد صاحب القرارات الاستراتيجية والسياسية التاريخية ومحيي الاقتصاد السعودي، الذي أعاد هيكلة الكثير من مؤسسة الدولة لتصبح المملكة لها نفوذ وهيبة واحترام على المستوى العربي والإسلامي والعالمي، وعندما يقترن تاريخان مهمان بشخص أو مكان كمثل ذلك التاريخ, فإنه خليق بنا أن نعيد النظر في تاريخنا, وألا نصبح مجرد شعوب تهمل تاريخها بنفسها, وهذا مؤشر على الكثير من التدهور إذا لم نتداركه سريعا فمن لا تاريخ له لا حاضر له، والكثير من الشعوب المتحضرة وضعت ذلك التاريخ إن كان سياسيا واقتصاديا وعلميا وحققت من خلاله الكثير من النجاحات. فمن الصعب تقسيم تاريخنا إلى فترات لا صلة لفترة بالأخرى، فالاستمرارية التاريخية مؤشر لثقافة الشعوب والتزامها وفخرها بماضيها.
مستشفى الملك فيصل في الطائف مر بالكثير من الظروف التي كادت أن تجعله يترجل عن تاريخه ومكانته وعانى لسنوات الإهمال بالرغم من كونه مستشفى ارتبط بأحزان وآلام وسعادة الكثير من أبناء هذا البلد، فعمره يزيد على 50 عاما وكان ولا يزال يستقبل الأعداد الهائلة من حوادث الطرق للقادمين من حجاج ومعتمرين ومسافرين ومصيفين من المملكة ومن معظم الدول المجاورة ويعد المركز الطبي الوحيد المؤهل لاستقبال الحوادث للقادمين عبر أهم طرق المملكة والعائدين من المشاعر المقدسة وجدة والمدينة, إضافة إلى كونه يحتوي على كفاءات وخبرات في الجراحة والباطنية، وأخيرا فقدره حتم عليه أن يواجه الضغط المتزايد من الحداثة ومتطلبات المحافظات والمدن والقرى المجاورة للطائف، إضافة إلى الإحالات المتزايدة للجنة الطبية والهيئة الطبية والطب الشرعي التي مركزها المستشفى إلى جانب احتوائه على مركز للمناظير والسكر والقلب الذي يشرف عليه نخبة من الكفاءات والخبرات المشهود لها علميا.
إن المجهودات غير الاعتيادية التي يبذلها مدير المستشفى استشاري العظام المعروف الدكتور حامد النفيعي وفريق عمله يحتاج إلى الإشادة في ظل الإمكانات المحدودة بعد أن تم نقل المستشفى إلى المباني التي تم إنجازها في فترة ستة أشهر لتكون بمثابة فترة انتقالية للمبنى الجاري بناؤه، ومع أن الفارق ما بين المبنى القديم والحالي على مستوى الطاقة السريرية أقل بنحو النصف, مما يزيد العبء على المستشفى الحالي ويزيد من معاناته فإنه يحتاج إلى خريطة طريق لدعمه بالكوادر وخاصة التمريضية والتجهيزات نتيجة لحجم الدور الذي يقوم به ولتاريخه العريق، ولعل رحابة صدر مدير المستشفى وبما يتمتع به من مهارات اتصالية وتعاون مع المراجعين يخفف معاناة الناس إلى جانب ما ينوي القيام به من حلول كالزيارات المنزلية لكبار السن ومن لا يستطيعون زيارة المستشفى، وهي من الحلول التي ستخفف الضغط على المستشفى، وأعتقد أن المستشفى ينتظر دعم ومؤازرة وتعاون المجتمع بالدرجة الأولى ورجال الأعمال وخاصة لجنة أصدقاء المرضى لكي يؤدي دوره في ظل تلك الظروف القاهرة ولحين الانتهاء من المبنى الجديد، وكذلك الحفاظ على الكوادر الحالية من التسرب من خلال تحفيزهم وتحسين رواتبهم وتعاقداتهم القديمة التي لا تتفق مع سعر السوق وغلاء المعيشة.
www.aleqt.com/2008/03/24/article_11925.html
|
خدمات المحتوى
|
د. عبدالله الحريري
تقييم
|