مشاريعنا وإدارة «أنت تخسر ونحن نكسب»
12-31-2011 06:43
البلد تشهد كثيرا من المشاريع والبرامج التنموية، وأيضا الحلول لكثير من المشكلات مع توافر المال والإرادة، ولكن المشكلة التي تعانيها أكثر المشاريع الموجهة للجمهور أنها تعمل بمعزل عن المجتمع، فالوزارات تخطط وتنفذ دون إشراك المجتمع في عملية التخطيط والتنفيذ ما يجعله أكثر سلبية وانتقادا، لأنه لم يشارك في الخدمات التي هو أول المستفيدين منها.
كثير من العقول الإدارية في القطاع الحكومي ما زالت ترى أن مشاركة المجتمع هو ضياع للوقت، وإنهم هم الأدرى بكل شيء، لذلك عندما يقدمون أي مبادرة مهما كانت ايجابيتها تواجهه بمقاومه من الناس لأسباب كثيرة أهمها الجهل بتكوينات المشروع والرؤية والرسالة له، وأيضا الأهداف التي من أجلها قدم للناس، وأصبح هناك تشكيك من المجتمع، وعدم ثقة، وإشاعات لأي مشروع أو برنامج تقدمه الدولة، وعزوف عن المشاركة به أو محاولة لخرقه في أي فرصة تتاح، وبما أن هناك ضعفا في المشاركة المجتمعية، فإن نقص المعلومة التي تزيد من وعي ومشاركة وتفاعل الناس تزيد من المقاومة لأي تغيير، وبالتالي، فإن أولئك المسؤولون وبرامجهم تصاب بالإحباط، وربما ينتهي المشروع ويفشل منذ انطلاقته الأولى. الواقع أن بطء عملية الإصلاح الإداري في القطاع الحكومي ونمطية التعامل مع الأمور بفكر القطاع الحكومي البيروقراطي الذي يقدم الخدمة وعلى الآخرين تقبلها وسيطرة فكره أن الوظيفة العامة حق مكتسب وضمان اجتماعي لم تمكن القطاع العام من تقديم خدماته بفكر «أنت تربح وأنا أربح».
وعلى ضوء ذلك، فإن أي مشروع أو برنامج لا بد من تسويقه وتقديمه للمجتمع المستفيد منه، وهذا يتطلب شراكة واستثمارا وهذه الفكرة الاقتصادية تعزز تفاعل الناس من خلال التركيز على ما يطلبه ويتمناه المستهلك، وما قد يخاطب حاجاته أو رغباته أو عاطفته أو عقله، وإن ذلك المنتج سيحقق له كثيرا من الفوائد والمكاسب، وبالتالي فإن النتيجة ستكون تبني ومشاركة لأي مشروع تقدمه الدولة وأيضا مساهمة في تطويره والدعاية له والمطالبة بمزيد منه والمحافظة عليه.
أعتقد إننا نحتاج إلى تدريب مسؤولي الدولة وموظفيها على الفكر التسويقي والبيعي لأعمالهم وإنجازاتهم والمشاريع التي يقومون عليها، حيث إن اللجوء إلى السلبية وعدم المبادرة والخوف من التعامل مع الناس وإشراكهم في العملية في النهاية ستؤدي إلى موت المشاريع والأفكار في مهدها.
وستزيد الفجوة وأزمة الثقة بين المواطن ومقدم الخدمة، ما تدفعه إلى مقاومة أي تغيير أو أفكار حتى إن كانت تصب في مصلحته. وتسود سلطة «أنت تخسر ونحن نكسب» على حساب أنت تكسب ونحن نكسب.
www.aleqt.com/2010/04/26/article_384335.html
|
خدمات المحتوى
|
د. عبدالله الحريري
تقييم
|