مصالح وإسقاطات؟
12-31-2011 06:45



نحن شعب نعشق المراجعة والمراجعين وملفا أخضر رايح وملفا أحمر رايح، ونستمتع عندما نرى الطوابير يطلبون خدمة أو يقدمون على طلب فنتلذذ في تعذيب و"مشورة" الناس، هذا ناقص وهذا زائد وفي آخر المطاف زحمة وتغيب عن الأعمال وانتظر حتى نتصل بك.
عدوى "مرمطة" الناس انتقلت من القطاع الحكومي إلى الخاص وأصبح بعض قيادييها أول معول هدم ضد تطوير الإجراءات وتطبيق الحكومة الإلكترونية، ويملكون من أساليب "زحلقة" تلك الخطط ما يعجز عنه منظرو العلوم الإدارية، بل وصل بهم الأمر إلى إهمال وعدم تنفيذ الكثير من القرارات الملكية وقرارات مجلس الوزراء اطمئنانا منهم بعدم وجود متابعة ومسائلة، وعلى ضوء ذلك من أمن العقاب أساء التصرف.
نحن نعلم أن الدافع وراء ذلك هو دافع سلوكي للحصول على الأهمية والمكانة الاجتماعية، ففلسفة الوظيفة لدى الغالبية هي الحصول على الرضا الاجتماعي وحجز مكانة في المجتمع حسب نوع وطبيعة عمل الوظيفة، إلى جانب ذلك، فإن معاناة العديد من الناس من خلل في الشخصية كاضطراب الشخصية "البرنويدية" أي الشخصية التي لديها مشاعر العظمة يدفع أولئك إلى سلوكيات لا تتفق مع مستواهم المادي والثقافي والعلمي، فترى البعض يستأجر أو يشتري سيارة فخمة ويحاول إعطاء نفسه صبغة أنه شخص مهم أو من كبار الشخصيات أو العائلات وهكذا بالنسبة للمقتنيات الأخرى إلى أن تصل به تلك السلوكيات إلى الوظيفة فيبدأ بإسقاط مشكلاته واضطراباته على تلك الوظيفة، ومن ثم وحتى يشعر بأنه شخص مهم لا بد أن يضع العراقيل ويطيل في الإجراءات حتى تخنع وتطلب منه المساعدة والرأفة والرحمة وتدلل له أنه هو صاحب الحق وليس أنت. هنا يشعر بأهميته ويبدأ يلعب معك لعبة القط والفأر، وعندما تحاول تأكيد ذاتك والمطالبة بحقوقك والتذمر من تلك الإجراءات (يا ويلك ويا سواد ليلك)، وهنا يتحول ذلك الإنسان إلى شخصية عدوانية ويتفرغ لملاحقتك وإيذائك بكل ما يملك من إمكانات وواسطات وهذه الأمور لا تخفى على علماء السلوك.
طبعا، هذه بعض المكاسب وهناك مكاسب معنوية ومادية أخرى كالواسطة والرشوة والكثير من ألوان وأنواع الفساد المالي والإداري، وفي ظل ذلك تمخضت الجوازات والعمل بعد ضغط بافتتاح فروع في مدينة الرياض، وعلى الرغم من علمنا بنجاحها إلا أن تلك الجهات ما زالت تعمل على استحياء لتعميم التجربة وتطبيق التعاملات الإلكترونية والتسهيل على الناس مع أن المملكة لو أرادت أن تنهي معاناة الناس لأنهتها في أقل من شهر بفضل توفير البنية التحتية للاتصالات والمعلومات والمال والأفكار، كما حدث في البنوك ومركز المعلومات التابع للداخلية، ولكن كما يبدو هناك من لا يريد أن يستبعد ويتخلص من مشكلاته الشخصية وإسقاطاته، وقد تجد المملكة نفسها أمام معضلة إدارية تتطلب معالجات نفسية قبل كل شيء وإلا ستصبح فوائض الميزانيات حبرا على ورق، والناس ما بين عصا الإجراءات وجزرة الأمل.

www.aleqt.com/2008/09/01/article_13437.html

تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 312


خدمات المحتوى


د. عبدالله الحريري
د. عبدالله الحريري

تقييم
5.75/10 (13 صوت)

Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.