نادي «يا من شرى له من تفكيره عله»
12-31-2011 07:00
من الأمور الإنسانية التي تدعو لقلق ما يسمى بالتفكير الكارثي أو المتطرف أو التفكير الحدي وهو اندفاع الإنسان إلى تكريس المواقف والأحداث إلى الدرجة التي تؤدي به للمرض النفسي والعقلي.
وعندما نحلل مضمون كثير من الأمراض النفسية وبالذات الاكتئاب التفاعلي نجد أن محتوى تفكير صاحبه يميل بشدة إلى الأفكار الكارثية والأحكام المتطرفة على المواقف والأحداث سواء ذات العلاقة به أو بالآخرين، وتصبح تلك العمليات المعرفية أو الفكرية عادة تغلب على العادات الإيجابية الفكرية أو المعرفية وتصبح حياة ذلك الشخص جحيما لا يمكن أن يتحمله فيحبط ثم يكتئب وتسيطر عليه أفكار التخلص من نفسه ومن معاناته. وفي هذه الحالات من التفكير تجتمع في ذهن الشخص مجموعة من الأفكار الخاطئة التي تساهم في تغذية المحتوى المعرفي الخاطئ لديه، فعلى سبيل المثال تكثر الأفكار التعميمية على جميع المواقف والأحداث ويصبح التعميم أحد الأحكام المسيطرة على أفكاره، وينظر للسلوك البشري على أنه سلسلة متوارثة من السلوكيات السلبية التي إذا قام بها البعض فإن الآخرين سيقومون بها لا محالة وأن الآخرين مذنبون وغير صالحين ويجب القسوة عليهم ومعاقبتهم بأقصى العقوبات اللاإنسانية إلى أن يثبتوا العكس.
وإن أثبتوا العكس فلن تدعه أفكاره للبحث عن تبريرات مليئة بالشكوك وسوء الظن, ويقول أكيد فلان وراه ظهر أو عنده واسطة ويبدأ بتبني سيناريو تخيلي من الأفكار التبريرية التي تدور في إطار الأحكام المتطرفة والكارثية إلى درجة تكوين رواية محتواها مجموعة من الأكاذيب والشكوك وسوء الظن يصدقها ويريد من الآخرين أن يصدقوها.
إن أغلب الناس الذين يعانون مشكلات سلوكية أو مسلكية أو اضطرابات في الشخصية هم من نادي الأفكار الكارثية والمتطرفة، فمحتوى أفكارهم يغلب عليه الأفكار غير المنطقية واللاعقلانية وتسيطر عليهم أحكام غير واقعية أو ما يمكن أن تسميه ما لا يتناسب مع الطبيعة الإنسانية، لذا فمعتقداتهم التي تكون نتيجة تلك السلسلة من الأفكار والعمليات المعرفية تصبح معتقدات (كونكريتية) أو صلبة تجعل معتقدها أسيرا لها وينضم إلى نادي (يا من شرى له من عقله عِله).
نحن قد نتلفظ بعبارات قد تصبح عادة فكرية تشكل سلوكياتنا وجميع تلك العبارات إما أن تكون كارثية أو قطعية لا تسمح بالتراجع أو الأخذ والعطاء أو مبدأ الاحتمالية مثل (مستحيل، هذا شيء فظيع، بشع، رهيب، لا أستطيع، دائماً، مائة بالمائة) خاصة في حكمنا على الأمور السلوكية... إلخ من العبارات التي تدور في تلك الإطارات، وتقدر ما نستخدم تلك العبارات بقدر ما تذهب بنا إلى أنماط من السلوكيات السلبية التي تؤدي بنا إلى مستويات مختلفة من الاضطرابات وضعف التفاعل مع الآخرين.
www.aleqt.com/2009/08/03/article_259075.html
|
خدمات المحتوى
|
د. عبدالله الحريري
تقييم
|