هل يكفي «ساهر»؟
12-31-2011 07:13
كما يبدو أن المرور في مرحلة تحول مهمة ستسهم بشكل كبير في رفع مستوى السلامة المرورية من خلال نظام «ساهر». والمهم في هذا النظام أنه يتخذ أسلوب تعديل السلوك البشري من خلال ما نسميه «التنفير أو التكريه», وهو ما نستخدمه أثناء عمليات تعديل السلوك حيث نقدم مثيرا منفرا حتى نجعل الإنسان يقلع عن سلوك ما.
الناس في بلدنا على الرغم من مستوى تعليمهم وسفر بعضهم لدول متحضرة والتزامهم بقوانين تلك الدول إلا أنهم أكثر رغبة في مخالفة الأنظمة سواء مرورية أو غيرها, وعادة لا تردعهم إلا رؤية سيارة الدوريات أو المرور والآن كاميرات «ساهر» التي ستصبح مثيرا يرتبط بالعقوبة التي ستردع الكثير من مخالفي الأنظمة.
هناك قناعة ورغبة وتصيد للفرص من أجل قطع الإشارة أو تجاوز حقوق المشاة والسرعة المبالغ فيها وأيضا رمي المخلفات في الشوارع ومخالفة السير لاختصار المسافة .. إلخ من مجموعة كبيرة من المخالفات، وعندما يكون أغلبية الأفراد في أي مجتمع يستسهلون التجاوزات فهذا يعني أن القيم والعبادات التي يعتقدون بها لم تؤثر أو تهذب أفكارهم ومن ثم سلوكياتهم، وأن تلك القيم سواء دينية أو اجتماعية لا تعدو كونها بالنسبة لهم عملية طقوس وعادات تراعي نظرة المجتمع قبل الخوف من الله. لذلك فهو يخالف السير ويقطع الإشارة من أجل أن يذهب إلى المسجد, وعندما يخرج من المسجد ويتناول عصيرا يرمي بالفارغ من نافذة السيارة، وهكذا يستمر في مجموعة من المخالفات. وإذا حاولت أن تردعه أو ترشده كمواطن تأسد عليك وأقنع نفسه في تلك اللحظة أنه هو المصيب.
أعتقد أن كاميرات «ساهر» وسيارات الأمن وحتى لو وضعنا رجل أمن عند كل إشارة لن يعالج المشكلة بشكل جذري إذا لم يكن هناك برنامج لتأصيل الوعي وتثبيت المفاهيم والقيم في العقول حتى تتحول إلى سلوك نمطي حضاري حتى في غياب آليات ورجال الأمن.
اليوم نحن في حاجة إلى معالجات فكرية وسلوكية لكثير من الازدواجيات السلوكية وعدم تطبيق القيم الإيجابية كسلوك، فإلى جانب نظام «ساهر» وأساليب الردع والعقاب نحتاج إلى تقدير الناس الإيجابيين كما حدث في برنامج التبرع بالدم فيجب أن نكافئ الذين لم تصدر بحقهم أي مخالفات حسب آلية تحسب بالنقاط والسنوات، وأيضا توسيع ونشر الفكر التطوعي لما يسمى أصدقاء المرور أو أصدقاء الأمانة، فكل تلك الأساليب هي من أساليب تعديل السلوك وتعزيز الرقابة الذاتية.
www.aleqt.com/2009/08/24/article_266107.html
|
خدمات المحتوى
|
د. عبدالله الحريري
تقييم
|