المقالات
مقالات د. عبدالله الحريري
هل يمكن أن يكون الوقت علاجاً؟
هل يمكن أن يكون الوقت علاجاً؟
12-31-2011 07:15



منذ أن يولد الإنسان وحتى يموت وهو يتعرض لشتى أنواع الضغوط، سواء المرتبطة بالتفاعلات الجسدية أو البيئية أو الاجتماعية، وعندما يدرك الإنسان الوقت يصبح أكثر معاناة وتزداد معاناته النفسية عندما يزداد استبصاره بالوقت، فمرة يصبح الوقت مزعجا عندما يكون منتظرا لأي أمر أو حدث، وتختلف عملية الانتظار ومدى معاناة الإنسان عندما يرتبط ذلك الانتظار بالأحداث والمواقف سواء كانت سارة أو غير سارة، فعندما ينتظر الإنسان ولادة مولود أو إعلان نتيجة يصبح الوقت بطيئا ولا يمشي بسرعة، وعندما يكون مقيد الحرية أيضا يصبح الوقت بالنسبة له كالجبال، وأيضا عندما يعمل لدى قائد أو مدير متعسف فإنه قد لا يحتمل الوقت الذي يمضيه في التعامل مع ذلك المدير، وعندما يكون المراهق منزعجا من تعليمات ونصائح الأسرة والنظم والقيود المفروضة عليه يتمنى متى يمضي به الوقت ليصبح راشدا، وإذا أصبح راشدا أو تعرض لمسؤوليات الحياة تمنى أن يعود به الوقت للوراء ليعيش طفلا أو مراهقا.
وعموما، فإن الوقت إذا ارتبط بالمواقف والأحداث السعيدة يتمنى أي إنسان أن يطول به الوقت وهو سعيد، وإذا ارتبط بالمواقف والأحداث غير السارة سعيدة يصبح الوقت بالنسبة له أداة ضغط وكأنه لا يسير ويطول الليل والنهار في ذهنه ويصبح دهرا، وكلما جعل الإنسان الوقت بالنسبة له محور اهتمامه تعرض لمزيد من التوتر والإجهاد النفسي والعصبي، وفي هذه الحالة إما أن يصبح الوقت قاتلا وإما يصبح الإنسان هو القاتل للوقت، وكثير من حالات القلق والاكتئاب مرتبطة بانتظار أو معايشة الفرد لأي حدث في حياته أو تعرضه لأساليب مختلفة من ألوان التعامل والتفاعل مع الآخرين.
إذاً العملية عملية وقت، فالإنسان يعيش إذا كان متوسط عمره ستين سنة، عشرين سنة من عمره لنفسه إذا طرحنا ساعات النوم والعمل والدراسة، فهل العشرون سنة يعيشها فعلا سعيدا أو يحسن استخدامها من أجل سعادته؟
لو أن السعادة لم تكن مزيدا من البحث عن السعادة لانتهت سعادة الإنسان، وهذا ما يحدث عندما يتعرض الإنسان للاكتئاب، فهو لا يرى أن عليه البحث عن السعادة، وأن السعادة توقفت عند مرحلة ما من حياته أو علاقاته، لذا فهي انتهت بانتهاء تلك المرحلة.
عموما الوقت هو الشيء الذي يمشي ويمضي برغبتنا أو من دون رغبتنا، ومن أخلاقيات التعامل مع الوقت أن نكون مهذبين مع الآخرين، ونحن في مرحلة القوة لأننا سنحتاج إليهم في مرحلة من مراحل الضعف، وإذا لم تصنع الحق اليوم وتحترم الآخرين ويتسامح معهم، فإن الوقت سيصنع تلك الأمور، فطالما اتخذ الوقت علاجا إذاً العملية عملية وقت والصبر مفتاح الفرج.

www.aleqt.com/2009/07/20/article_254237.html

تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 311


خدمات المحتوى


د. عبدالله الحريري
د. عبدالله الحريري

تقييم
1.00/10 (14 صوت)

Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.