وبأية حال عُدت يا عيدُ
12-31-2011 07:17
ارتبطت أيام الأعياد بالسعادة والفرح عبر الأزمان وفي كل الحضارات والمجتمعات، وكلما كانت المجتمعات أكثر بساطة ووسطية أصبحت تتفاعل مع بعضها بشكل أكثر حميمية ووداً ومحبة وتضمد آلام وجراح السنين، وتتشارك في الهموم وفي الوقت نفسه تشعر وتعيش أيام الأعياد بسعادة، ولولا ذلك لحصد الاكتئاب من البشر ما حصد، فالإنسان لا بد أن يمر بمرحلة من مراحل الاكتئاب والإحباط من جراء فقد عزيز أو صديق، وفي الأعياد نتذكرهم ونتذكر الأيام الحلوة التي قضيناها معهم، وتشتعل ذاكرتنا بالمواقف الجميلة والسعيدة التي عشناها وهم معنا في هذه الحياة، ونحزن ونتألم ونكتئب ولكن ما باليد حيلة، لأننا لا يمكن أن نعيد تلك الأيام ثم نحزن ومنا من يؤثر على نفسه الاستمتاع بالعيد من شدة الحزن والألم.
ولكن ما يميز العيد أنه علاج للاكتئاب والإحباط والأحزان إذا مارسناه بإيمان وعزيمة وتواصلنا مع بعضنا، وحاولنا أن نبث السعادة في نفوس الآخرين، فالتفاعل والتواصل الاجتماعي في العيد قد لا يتكرر في بقية الأيام نتيجة انشغال الناس بأمور الحياة، ما يمثل فرصة ذهبية للمشاركة الوجدانية.
اليوم الناس في المدن الكبرى يعيشون بلا روح وفرحة بالعيد، ومن لديه الفرصة للهروب إلى القرى والمدن الصغيرة يذهب ويعيش فرحة العيد والمشاركة الوجدانية، ومن ليس لديه الفرصة فالله يعينه على تحمل الاكتئاب وتذكر الماضي، وسنجده ينام العيد وكأنه لم ينم من قبل.
الناس اليوم يهربون من العيد بالنوم وكثرة التبريرات، وفي حقيقة الأمر ما هي إلا أعراض لما يعيشونه من فراغ عاطفي ووجداني، ويجب ألا نسمح لهم بالاستمرار في تلك الأفكار والسلوكيات الاكتئابية، ويجب على الأمانات والمجتمع دفع الناس وحثهم على المشاركة والتواصل والخروج والاحتكاك ومشاهدة بعضهم بعضا، وأن نستغني قليلا عن (الفيس بوك) والرسائل القصيرة ونجعلها وسيلة للمساعدة في تحقيق التواصل المكاني وليس من وراء حجاب حتى لا يستوحش الناس ويفقدوا مهاراتهم الاجتماعية في التواصل، وتصبح أيضا المدن بلا روح ومصدراً من مصادر التوتر والإجهاد النفسي والفكري، وفي كل الأحوال فالعيد قد عاد وسيعود -بإذن الله- على الجميع بالسعادة واليمن والبركات ما داموا حريصين على التواصل المباشر، وكل عام وأنتم ومَن تحبون بألف خير وسعادة.
www.aleqt.com/2009/09/21/article_277528.html
|
خدمات المحتوى
|
د. عبدالله الحريري
تقييم
|