وما خفي كان أعظم
12-31-2011 07:26
عندما تقوم أي دولة أو شركة بمشروع إعادة الهيكلة لإحدى مؤسساتها أو لنفسها بالدمج أو الإلغاء أو الاستحواذ أو تضخيم وزيادة فعالية أي قطاع فإنها عادة لا تلجأ إلى هذا المنهج إلا بعد دراسات أو نتيجة لتحديات تفرض رفع الكفاءة الوظيفية وتحسين القيمة والاستغلال الأمثل للموارد والإمكانات البشرية والمادية، وما قد يترتب على ذلك من التخلص من التكاليف غير الضرورية والمحافظة على متطلبات الأداء والجودة، وهناك نظرة شمولية عادة ما تسيطر على إعادة الهيكلة أو هندسة الإجراءات، وقد تكون هناك نظرة نوعية أو جزئية تحلل الوظائف والأداء وتركز على التكلفة الكلية من وقت وموارد وغيرها.
وعلى مستوى الأداء الحكومي في المملكة، فأمر إعادة الهيكلة أو الهندرة قد يعود لجهات عدة من ضمنها لجنة التنظيم الإداري والإصلاح الإداري وتوصيات مجلس الشورى وهيئة الخبراء في مجلس الوزراء وبعض الجهات والهيئات الاستشارية، وقد سعدنا كمواطنين وأيضا سعد المستثمرون بسلة من الإصلاحات الإدارية الهيكلية كما حدث لرئاسة تعليم البنات، ووزارة المعارف سابقا والصناعة والكهرباء والزراعة والمياه ودمج الكليات والمعاهد بوزارة التعليم العالي أو بالمؤسسة العامة للتعليم الفني، وظهور الهيئات ومجالس للاستثمار وحماية المستهلك والدواء والغذاء والضمان الصحي والتخصصات الصحية .. إلخ.
وعلى الرغم من سعادتنا بالمبدأ والقرار، إلا أن التنفيذ حسبما خطط له لم يكن بالمستوى المطلوب، وكان بأشكال مختلفة بدءا من التأخر في التنفيذ إلى الانحراف عن الهدف والترهل والتنفيذ بأسلوب المحاولة والخطأ، وبالمعتقدات والخبرات الشخصية المحدودة لبعض القائمين عليها.
وكما يبدو أن الإفراط في الثقة أو إعطاء الثقة الكاملة من قبل الدولة لمن تولى إدارة دفة التغيير في تلك الوزارات أو الهيئات لم تكن في محلها إجمالا، ليس لأن أولئك الأشخاص سيئون أو غير مؤهلين على الأقل أكاديميا بل قد يكون لأسباب عدة من ضمنها ضعف اتخاذ القرار، الخوف من التغيير السريع، إضافة إلى اتخاذ المركزية سلوكا إداريا نتيجة لضعف مستوى وتأهيل وعدد الكوادر في تلك المؤسسات والفروق الفردية المتمثلة في أنماط الشخصية القيادية الإدارية والقدرات العقلية والنفسية بصفة عامة لمن يقود سياسة التأسيس والتغيير.
وهناك نجاح لمسه المواطن والمستثمر لبعض الهيئات كما في السياحة والاستثمار ووزارة المياه، وأخرى لا نعلم ماذا تفعل وإلى أي مدى وصلت إليه وما التحديات التي تواجهها، وأدوارها الإعلامية والترويجية غائبة ما جعل الناس يشعرون بالإحباط مما آلت إليه تلك المؤسسات من تخبط وضعف في الأداء، وأصبح كل أركان التغيير من المسؤولين يرمي باللوم على الآخر وكأنه يقول هذا ما جنته عليكم رياح الإصلاح وإعادة الهيكلة والتغيير.
نحن بحاجة إلى سياسة واضحة وآلية عمل لتقييم أداء تلك المؤسسات على شكل ربع سنوي وألا نستخدم سياسة الفطم المفاجئ بل التدريجي وعدم الإفراط في الثقة إلا بالنتائج، وكفاية تقارير سنوية غير محترفة تركز على ما يريده أولئك أن يراه الآخرون وما خفي كان أعظم.
www.aleqt.com/2008/01/05/article_11106.html
|
خدمات المحتوى
|
د. عبدالله الحريري
تقييم
|