«البلدية» كيف تكون بوابة التنمية للحي؟
04-17-2012 06:40
في المملكة تم حصر دور البلدية في الحي بمجموعة من الأدوار التي تبدأ من رخصة بناء وصولا إلى الرقابة الصحية على المطاعم والمحال التجارية المختلفة، وفي أغلب الأوقات تقوم الأمانات بأدوار في النطاق العمراني للبلدية دون أخذ رأيها أو التنسيق معها، مثل الرقابة والمهام التي لا ترى منحها للبلدية ولأسباب غير معروفة، ما يسبب ازدواجية. وعندما حاولنا أن نخرج من نطاق البلدية المنزوعة الصلاحيات إلى دور المجلس البلدي وجدنا أننا في الحلقة المفرغة نفسها من محدودية الأدوار والاختصاصات.
المواطن، بعد أن أضعفنا دور البلدية ورئيسها في الحي، أصبح تائها بين أكثر من جهة تتنازع التخصصات بينها، فعندما يريد على سبيل المثال مركزا للإطفاء في الحي يتوجه إلى الدفاع المدني، وعندما يريد مركزا صحيا يذهب إلى المديرية العامة للشؤون الصحية، وإذا رغب في وجود مدرسة فإنه يراجع إدارة التربية والتعليم، وكذلك إذا أراد مركزا للشرطة فإنه يتوجه إلى شرطة المنطقة، والحال قد تكون أكثر تعقيدا لو أراد المياه والصرف الصحي فهو يتوه تماما بين شركة المياه ووزارة المياه والكهرباء... إلخ من المراجعات، ويدوخ ''السبع دوخات'' حتى يحصل على حقوقه في الحي، بل قد يضطر إلى تكبد عناء السفر إلى الوزارة المعنية لأن إخواننا في الإدارات والمديريات القريبة منه ما عندهم صلاحيات، ويذهب الوقت والجهد والعزيمة دون أي نتيجة، وتتكدس لديه الأوراق والمطالبات ويصبح معقبا باحتراف، ما يزعج المواطن أنه عندما يقبل بما كتب عليه من هجولة بين الإدارات يذهب مجهوده سدى لأن الحل والصلاحيات تتفاوت من إدارة لأخرى وكل موظف ''يزحلقه'' على الإدارة الأخرى من باب الاختصاص أو من باب أن الصلاحيات لم تمنح لهم ما يزيده ذلك إحباطا ويأسا.
إذا أردنا أن يكون المواطن أكثر إيجابية ومساهمة ومشاركة في تنمية حيه وأن يتحول من الوطنية التي ترعاها الدولة إلى المواطنة التي يتحمل فيها الكثير من المسؤوليات فلا بد أن نهيئ له الأدوات القريبة منه وأهمها أن تكون بلدية الحي هي البوابة لكل الخدمات في الحي، وهذا الأمر ليس بالجديد في تجارب الدول، فالدول ذات الخبرة في هذا المجال تخلت عن مفهوم تنوع وتصارع وتزاحم المؤسسات الحكومية ونسقت أعمالها من خلال بوابة بلدية الحي، وعلى ضوء ذلك أصبح للبلدية دور مهم في تنمية المجتمعات المحلية وكان لها الدور المهم في رفاهية وسعادة المواطن في حيه، وأصبح المواطن هناك لا يعرف مقرا أي وزارة لأنه لا يحتاج إليها إلا بشكل غير مباشر ومن خلال البلدية.. البلدية كمفهوم ودور نحن في أمس الحاجة إليها في المملكة كدولة غنية ومتطورة لأن المشكلة الأساسية في المشاريع في الأحياء التنسيق والأولويات، وإذا عزلنا المواطن عن صنع القرار في نطاق حيه ''وزحلقناه'' على المجلس البلدي المحدود الصلاحيات لأصبح بعيدا عن المشاركة وأكثر إهمالا للمرافق وأصبح في المقابل هناك أزمة ثقة ما بينه وبين مؤسسات الدولة لأنه يشعر أنه مهمش وأن رأيه لا يقدم أو يؤخر شيئا، وهذا ما دعا الكثير من المجتمعات المتقدمة إلى أن تعزز دور البلدية وأن تنتج للمواطن منتجا وقناة واحدة تحتوي على جميع الأدوار وتلبي جميع المطالب والاحتياجات لكي يقوم بدور المسؤولية والمشاركة الفاعلة في بناء حيه ومجتمعه المحلي.
إن من الأمور التي تؤرق المواطن المسؤول حي الضمير أن يستيقظ من نومه يوميا ويمر على حفر ومشاريع متعثرة وخدمات بائسة وساحات ''فاضية'' دون حدائق وهو يعرف في قرارة نفسه أنه عديم الفائدة لأنه لن يجد المكان الموحد والقريب منه ليساهم في التغيير والإصلاح وتقديم وجهة نظره ومطالبه في إطار حيه، علما أن ما سيتحقق في النهاية لن يكون محصورا على الحي بقدر ما يعم المدينة وتصبح هناك تنمية شاملة متوازية ومتزنة.
تم نشر المقال في جريدة الاقتصادية صفحة الرأي، على الرابط التالي:
http://www.aleqt.com/2012/04/17/arti...l#comment_form
|
خدمات المحتوى
|
د. عبدالله الحريري
تقييم
|