اقصاء الآخر
12-28-2011 06:06




د. عبد الله الحريري
في الحوار مع الآخر يعتقد البعض أن الآخر هو القادم من العالم الآخر أو الساكن في قارة ما ولا يتكلم لغتنا وهذا المفهوم يحصر الآخر في نطاق ضيق وبعيد بينما الآخر هو العقل أولاً لأن العقل هو الذي يقود السلوك البشري لأداء المهام الإنسانية وعندما يكون هناك نوع من التوافق بين الإنسان وعقله يصبح الإنسان شخصية متزنة تتمتع بالتفكير العقلاني والمنطقي وتصبح نظرته للآخر مبنية على ما يعتقده في داخله وما يفسره ويؤله عقله.
وعندما نتكلم عن إقصاء الآخر فإن ذلك تحول في التفكير البشري ويمكن وصفه بالتفكك في نمط التفكير وصراع في عقل الفرد بين معتقدات وقيم ومفاهيم لم يجد لها حل وبالتالي فإنه في هذه الحالة من الصراع يكون مهيئاً لتقبل أي حلول تنقذه من ذلك من الصراع ومن ثم يذهب إلى فئة من الناس الذين يتحدثون بلغة التطرف في نظرتهم للحياة ومن يعبثون في هذا الأرض.
هؤلاء الأشخاص أصبح لديهم عادة فكرية جديدة مكتسبة هي إقصاء الآخر وهذا التحول في نمط التفكير ظاهرة غير عادية تؤدي بالإنسان إلى نوع من اضطراب الشخصية والذي يمكن وصفه بالتمركز حول الذات فالإنسان عندما يكون متمركزا حول ذاته يعيش نوعاً من الصراع الغريب بين الكثير من المفاهيم الإنسانية ويصبح يدور في حلقة مغلقة حول نفسه وتتكون لديه الكثير من الأفكار الاقصائية عن علاقته بمن حوله فهو لا يرى إلا نفسه ولا يحب إلا نفسه ولا يريد أن يعيش إلا مع نفسه وهذا التفكير والسلوك يتعارض مع الطبيعة البشرية في أن الإنسان بطبيعته كائن اجتماعي وليس أحادي الحياة.
وعندما نحلل التفكير الاقصائي فإننا نجد أن له أرضية ثقافية تبدأ من نظرة الأسرة في مجتمعنا للآخر سواء من منطلق قبلي أو عرقي .. ويتبعها نوع من اللغة اللفظية عندما نتكلم عن الآخر فمثلاً هذا خط مائة وعشرة وذاك خط مائتان وعشرون وفلان رفيق وعلان أجنبي وذلك أبيض والآخر أسود وهكذا من المصلحات اللغوية التي أصبحت مع الوقت نوعاً من العادة الاجتماعية في نظرتنا للآخر.
الخطورة في الأمر أننا عندما نتناول الآخر في حواراتنا نتخطى تلك الممارسات والعادات الاجتماعية وننتقل إلى أمور شكلية لا تغير في نمط تفكير الناس تجاه الآخر ونصبح نتحاور لمجرد الحوار وننظر عن علاقتنا بالآخر بينما نحن لم نتجرد من داخلنا عن الإقصاء وقد لا ننتبه بأننا نمارس أساليب مختلفة من الإقصاءات في شكل سلوك الواسطة والمحسوبية ومفاضلة شخص على آخر دون وجه حق وفي محتوى النكتة الاجتماعية والتعصب بكافة أنواعه سواء كان رياضياً أو اجتماعياً.

تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 335


خدمات المحتوى


د. عبدالله الحريري
د. عبدالله الحريري

تقييم
1.00/10 (11 صوت)

Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.