نايف عراب الأمن الاجتماعي
06-19-2012 08:44
في بعض المجتمعات يعتبر رجال الشرطة وأجهزة الأمن بصفة عامة كابوسا مخيفا بكل ما تعني الكلمة، وتعمل لخدمة فئات وشرائح ومصالح على حساب حقوق المجتمع وأدخلت تلك الأجهزة نوعا من الرهاب لدى الناس، بسبب المعاناة والإذلال الذي يتعرض له الضعفاء من الناس، ويتم من خلالها الضغط عليهم لإخضاعهم وسلب حقوقهم.
في السعودية - ولله الحمد - هناك احترام متبادل وتقدير ما بين رجل الأمن والمواطن، بل يوجد تكامل قل نظيره في العالم، وبات مفهوم أن المواطن هو رجل الأمن الأول شائع ومتداول، ولا غرابة في مساهمة المواطنين مع رجال الأمن في فك طلاسم عدد من الجرائم بالمبادرة والاتصال وتقديم المعلومات.
إن هذا المفهوم والتلاحم لم يكن ليوجد وينمو لولا حكمة وبعد نظر الأمير الراحل نايف بن عبد العزيز، رجل الأمن الأول. فهو من أسس لهذه الثنائية في التعاون، وهو من أخذ على عاتقة أن يكون رجال الأمن ومؤسساتهم جزءا لا يتجزأ من حراك المجتمع فيتفاعلون مع قضاياه وهمومه، ويسهمون في تنميته ورعايته، فتوطدت العلاقة وقويت. وفي الحقيقة تعد هذه واحدة من خصال عظيمة وإنجازات كبيرة وكثيرة للأمير الراحل، فنعلم جميعا أن الأمير نايف - رحمه الله - كان محبا للعلم، فهو لم يدخر المال أو الجهد والفكر بل قدم كل ما بوسعه، فدعم البحوث والدراسات وحمل اسمه عشرات من الكراسي العلمية، وأنشأ الجوائز ورعى المؤتمرات.
اليوم نستلهم ذكراه العطرة وكيف واجه مخاطر الفكر الضال والتهديد الإرهابي الذي ضرب العالم بأسره وحاول النيل من بلادنا الحبيبة، فكان لبعد نظره وحكمته الأثر البالغ، فهو لم يكتف بالمعالجة الأمنية العسكرية وحسب، إنما احتوى الضال والمغرر به والجاهل، كما قدم برنامج المناصحة الذي يهدف لمناقشة المنحرفين فكريا من أصحاب الفكر الهدام، ومناقشتهم الحجة بالحجة، مما كان له الأثر البالغ في عودة المئات منهم إلى جادة الطريق الصواب ونبذ الأفكار الهدامة، ونشهد اليوم ثمار هذا العمل المبارك الذي شهد العالم بأسره بنجاحه وتميزه، وأنه أسهم في القضاء على آفة الإرهاب واستئصال شوكتها.
ونعرف جميعا إنسانية الأمير نايف وتواضعه الجم، وعطفه، فهو الذي يرعى حملات الإغاثة ويوجه بها لجميع أرجاء العالم، وكم من القصص التي سمعناها عنه - رحمه الله - حتى قبل وفاته بأيام قليلة، ومنها ما ذكره الزميل عبد الرحمن الحسين، الذي كان يقدم أحد البرامج في قناة ''الإخبارية''، وعرض أثناء الحلقة تقريرا عن حالة طفل كفيف يحتاج للعلاج والعناية الطبية العاجلة، حيث لم تمض سوى عشر دقائق من بث التقرير، حتى تم إبلاغه أن الأمير نايف بن عبد العزيز قد أمر بعلاج الطفل وتقديم العناية الطبية التي يحتاج إليها بشكل عاجل، والمواقف النبيلة والإنسانية من فقدينا - رحمه الله - عديدة ومتنوعة وكثيرة، وهي التي جعلت له - رحمه الله - كل هذا الحب، وأيضا كل هذه الفجيعة لفقده، ويكفي أن نعلم أن شقيقين في بيشة قد ألغيا زفافهما حزنا على وفاة الأمير نايف - رحمه الله.
بحق لم يكن نايف بن عبد العزيز، إلا أخا وأبا لنا جميعا وفقده خسارة جسيمة وبالغة، نسأل الله له الرحمة والمغفرة، وأن يسكنه فسيح جناته، وأن يجزيه عنا كل خير...
------------------------------------------------------------- -
تم نشر المقالة في جريدة الاقتصادية
http://www.aleqt.com/2012/06/19/article_668124.html
|
خدمات المحتوى
|
د. عبدالله الحريري
تقييم
|